الارشيف / عالم المرأة / أخبار المرأة

عشر حقائب وزارية لكفاءات نسائية تونسية في حكومة الصيد

  • 1/2
  • 2/2

تونس - " وكالة أخبار المرأة "

أعلن رئيس الحكومة التونسية الملّكف الحبيب الصيد خلال مشاوراته مع الأحزاب السياسية بشأن تركيبة هذه الحكومة أنه قرر إسناد 10 حقائب وزارية لكفاءات نسائية من بين 25 حقيبة ستتولاها شخصيات سياسية وكفاءات رجالية، وذلك "تقديرا لدور المرأة التونسية في الحياة العامة ولنضالها من أجل الحرية والديمقراطية وما اضطلعت به من ريادية في الدفاع عن مكاسب التونسيين في ظل دولة الاستقلال، وفي مقدمتها مدنية الدولة وحرية المرأة والانتصار للمشروع الحاثي الذي كان مهددا من قبل مشروع الإخوان.
وأبلغ الصيد الأحزاب السياسية أنه عازم على إشراك أكثر ما يمكن من الكفاءات النسائية في الحكومة الائتلافية انسجاما مع روح الدستور الذي ينص على المساواة بين الجنسين في المشاركة في الشأن العام، واعترافا بان المرأة التونسية التي كان لها دور كبير في الثورة وفي الدفاع عن حرية التعبير وعن الخيار الديمقراطي، تستأهل أن تتولى مراكز قرار كانت حكرا على الرجال.
قرار تاريخي
وبهذا القرار تكون حكومة الصيد أول حكومة في تاريخ تونس مند استقلالها عن الاستعمار الفرنسي عام 1956 تضم في تركيبتها 10 نساء وهو ما يمثل حوالي ثلث أعضاء الحكومة إدا ما أضفنا حقائب كتاب الدولة، حيث أكتفت الحكومات السابقة بثلاث أو أربع نساء على أقصى تقدير.
وخلال الانتخابات البرلمانية والرئاسية الماضية كان الفضل للمرأة التونسية في حسم المعركة مع الإسلاميين حيث هبت نساء تونس من مختلف الأعمار ومن مختلف الجهات لدعم المشروع الحداثي، وقطع الطريق أمام حركة النهضة ومرشحها للرئاسية منصف المرزوقي. حيث أظهرت النتائج التي أعلنتها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أن عدد الناخبات اللواتي منحن أصواتهن للباجي قائدالسبسي بلغ المليون فيما بلغ عدد أصوات الناخبين الرجال أكثر من 700 ألف وهو ما يعني أن نسبة تصويت المرأة لفائدة قائدالسبسي ناهزت 55 بالمائة فيما بلغت نسبة تصويت الرجال حوالي 45 بالمائة.
ولا تختزل أهمية قرار الصيد في تمكين 10 نساء من حقائب وزارية في الحكومة المرتقبة وإنما تتجاوزها إلى نوعية الحقائب وأهميتها وكذلك إلى الأسماء المقترحة وهي أسماء كفاءات نسائية ناشطة في الحياة السياسية وفي منظمات المجتمع المدني والجمعيات الحقوقية التي تعد حصنا منيعا ضد أجندة الإسلاميين التي تستنقص من دور المرأة ومن مكانتها بل وتهدد مكاسبها.
وبحسب المعطيات المتوفرة فقد اقترح الصيد أن تتولى القاضية كلثوم كنو التي ترشحت للانتخابات الرئاسية حقيبة وزارة العدل أو الخارجية والتعاون الدولي وهما حقيبتان سياديتان الأمر الذي يعكس التوجه نحو إثراء تركيبة الحكومة بكفاءة نسائية ذات معرفة وخبرة في إدارة أدق الملفات.
وستؤول حقيبة وزارة المرأة إما إلى الناشطة الحقوقية والقيادية بنداء تونس سعيدة قراش المعروفة بنشاطها ضمن جمعية النساء الديمقراطيات أبرز الجمعيات المعادية لحركة النهضة ومشروع الإسلام السياسي والمدافعة عن مبدأ المساواة بين المرأة والرجل بما في ذلك المساواة في الميراث أو إلى الحقوقية سناء بن عاشور المناضلة المعروفة بالدفاع عن المساواة الكاملة بين المرأة والرجل خاصة من خلال عضويتها في المنظمة التونسية للدفاع عن النساء الديمقراطيات.
وأقترح الصيد إسناد حقيبة وزارة الثقافة إما إلى المخرجة السينمائية سلمى بكار أو إلى الفنانة المسرحية المعروفة جليلة بكار وهما من المبدعات اللواتي كرسنا جهودنا لإنتاج أعمال فنية جريئة تدافع عن حرية التعبير، وتفضح خطورة الجماعات الإسلامية على قيم الثقافة التونسية المشدودة للحداثة والانفتاح.
كما اقترح الصيد أن تؤول حقيبة وزارة السياحة إما إلى واحدة من أبرز سيدات الأعمال في القطاع السياحي وهي فوزية بالعجوزة أو إلى القيادية في حزب المسار سميرة مرعي وأن تؤول حقيبة وزارة الصحة إلى الطبيبة حبيبة الزاهي التي حصلت على هذه الحقيبة في حكومة قائدالسبسي عام 2011 علما وأن القطاع الصحي من أبرز الملفات المطروحة على الحكومة بعد أن تراجع أداؤه خلال السنوات الماضية.
وينتظر إسناد حقيبة وزارة الرياضة إلى القيادية في حزب المبادرة سميرة الشواشي وحقيبة وزارة التكوين والتشغيل إلى الإحصائية الاجتماعية فاطمة موسى في خطوة تؤكد الثقة في المرأة على معالجة أحد أخطر الملفات حيث يمثل توفير الشغل وموارد الرزق لأكثر من مليون عاطل عن العمل، من أبرز أولويات الحكومة خلال الخمس سنوات القادمة.
وعرض الحبيب الصيد على القيادية في حزب نداء تونس والناشطة في جمعية النساء الديمقراطيات بشرى بالحاج حميدة حقيبة وزارية هامة غير أنها رفضت "احتراما للتونسيين الدين انتخبوها عضوا في البرلمان واستجابة لتوصية قائدالسبسي لنواب النداء بالبرلمان بألا يتولوا حقائب وزارية للقطع مع أي شكل من أشكال احتكار مراكز القرار السياسي أو الهيمنة.
واعتبرت بالحاج حميدة أن مبادرة الصيد "تعكس وعيا سياسيا بضرورة مشاركة المرأة في إدارة الشأن العام من خلال مراكز قرار تؤهلها إلى مواقع قيادية بما من شأنه أن يعزز حظوظ نجاح أول حكومة ديمقراطية في تاريخ تونس" مشيرة إلى ان تمثيلية المرأة في الحكومة الجديدة مرضية كخطوة أولى في انتظار الوصول إلى التناصف.
ومن الأسماء النسائية الأخرى المطروحة لتولي حقائب وزارية المناضلة اليسارية بسمة الخلفاوي أرملة الشهيد شكري بلعيد الذي اغتالته الجماعات الجهادية العام 2012 خلال فترة حكم الترويكا بقيادة حركة النهضة.
واللافت أن الكفاءات النسائية التي أقترحها الحبيب الصيد لتولي حقائب وزارية تنتمي للأحزاب العلمانية واليسارية أو هي محسوبة عليها وأغلبها ناشطة في جمعيات حقوقية تعد عدوا شرسا لحركة النهضة والجماعات الإسلامية بصفة عامة، وترى فيها تهديدا خطيرا للمكاسب التي حققتها المرأة التونسية في ظل دولة الاستقلال وفي مقدمتها قانون الأحوال الشخصية الذي نص على حرية المرأة وعلى حقوقها السياسية والمدنية كما منع تعدد الزوجات.
القطع مع 'منطق الحريم'
ويبدو إصرار الحبيب الصيد على ضمان تمثيلية موسعة للمرأة في تركيبة الحكومة من خلال ناشطات علمانيات ويساريات رسالة مزدوجة واحدة للمرأة التونسية مفادها أن إنقاذ تونس لا يمكن أن يتم دون مشاركتها في البرنامج الذي ستنفذه الحكومة خلال السنوات القادمة وعنوانه الأبرز الانتصار للمشروع الحداثي، وثانية لحركة النهضة ومفادها أن لا مكان في تونس الديمقراطية لأي أجندة تستنقص من كفاءة التونسيات أو تشكك في قدرتهن على الاضطلاع بمسؤوليات في مواقع قرار حكومية شانها في ذلك شأن الرجل وأن الحكومة ستستميت في حماية حقوق المرأة التي باتت تتهددها أصوات الإسلاميين التي لم تستنكف من الدعوة إلى مراجعة قانون الأحوال الشخصية حتى أن عددا من السلفيين طالبوا بضرب أحد أهم مكاسب التونسيات، وهو منع تعدد الزوجات الذي يعد القانون الفريد من نوعه في البلدان العربية.
وقبل الانتخابات البرلمانية والرئاسية الماضية كانت تساور التونسيات مخاوف جدية من "انتكاسة" لحقوقهن في ظل تعالي أصوات الإسلاميين، مطالبين بـ"مراجعة قانون الأحوال الشخصية" وبـ"السماح بتعدد الزوجات" الذي يمنعه القانون وبـ"استبعادها من تولي مراكز القرار في مؤسسات الدولة".
وتعمقت المخاوف مع انتشار ظاهرة النقاب الذي فرضته الجماعات السلفية خاصة في الأحياء الشعبية والجهات المحرومة، مستغلة انتشار الفقر والتهميش الاجتماعي ونسب الأمية العالية.
غير أن فوز نداء تونس بالأغلبية البرلمانية وفوز قائدالسبسي بالرئاسة بدد تلك المخاوف وأشاع نوعا من الأمل لدى التونسيات.
وإزاء المد السلفي الذي بات يهدد لا فقط حقوق المرأة وإنما أساسا نمط المجتمع التونسي المتحرر واللبرالي، قادت نساء تونس خلال السنوات الأربع الماضية نضالات شرسة تصدت خلالها لمشروع الإسلاميين الذي يهدف إلى نسف مكاسبها بما في ذلك الحق في الشغل حيث لم يتردد السلفيون في الزعم بأن الحل الوحيد للبطالة في صفوف الشباب يتمثل في "ركون المرأة في بيتها".
وتظهر المؤشرات أن المرأة التونسية تمثل اليوم نسبة 30 بالمائة من القوى النشيطة و12 بالمائة في المجلس الأعلى للقضاء و60 بالمائة من مجموع الإعلاميين و45 بالمائة من نشطاء المجتمع المدني و23 بالمائة من الكوادر الإدارية العليا و45 بالمائة من المحامين و40 بالمائة من أساندة الجامعات.
ولقيت مبادرة الحبيب الصيد بتوسيع تمثيلية المرأة في تركيبة الحكومة ترحيبا كبيرا في الأوساط السياسية العلمانية وخاصة لدى الجمعيات النسوية الناشطة في عديد المجالات لكونها مثلت خيارا سياسيا ينتصر للمشروع الحداثي الذي تعد حرية المرأة عنوانه الأبرز ويفتح أمام التونسيات مراكز القرار الحكومي، ليساهمن جنبا إلى جنب مع الرجل في نحت ملامح تونس الديمقراطية التي ترفض "منطق الحريم".

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى