قد يتبادر الى الذهن على الفور أن هذا رثاء لسيدة الشاشة العربية فاتن حمامة .. بطبيعة الحال أرثيها وترثيها مصر كلها بقدر ما قدمت من أسهامات ..
لكن إرادة الله تقضى بأن ترحل بعدها بيوم واحد السيدة عزيزة حسين رائدة العمل الاجتماعى فى مصر وهى أول امرأة عربية يتم ترشيحها للجنة المرأة بمنظمة الأمم المتحدة، وأول من وضع تنظيم الأسرة على أجندة المنظمة، وترأست الاتحاد الدولي لتنظيم الأسرة بالانتخاب عدة مرات، وهى أول من تحدث عن صحة المرأة الإنجابية في مصر، ومن أوائل من كتبوا عن الحقوق القانونية للمرأة. رحيل عزيزة حسين عن 96 عاما يشير الى رحيل جيل لعب أدوارا بالغة الأهمية في تحديث مصر «مؤسساتها وعقلها»، فهى نتاج المرحلة شبة الليبرالية التى أنتجت لنا رجالا عظام مثل طه حسين وأحمد شوقى والعقاد ومحفوظ وعبد الوهاب، كما قدمت لنا سيدات عظام مثل أم كلثوم وفاتن حمامة والسيدة عزيزة حسين . عزيزة حسين أسهمت من خلال الأمم المتحدة في كتابة النص الاساسى لاتفاقية مناهضة التمييز ضد المرأة عام 1952 حين كانت المرأة المصرية تكافح للخروج الى العمل والى المساهمة في العمل العام .. هىالتى أسست في بداية الأربعينيات جمعية القاهرة لتنظيم الأسرة وجابت البلاد بطولها وعرضها للقضاء على ظاهرة ختان الإناث البغيضة .. هى أيضا تلك السيدة التى لعبت أدوارا بالغة الأهمية في مؤتمر القاهرة للسكان ومؤتمر بكين أيضا ويشهد لها القاصىوالدانى بالقدرة على تغيير حياة الناس ليس فقط النساء الى الأفضل . هى تلك السيدة التى تزوجت باشا يدعو الى الاصلاح الاجتماعى قبل الثورة وهو الدكتور أحمد باشا حسين وزير الشئون الاجتماعية الأسبق الذى من كثرة إعجاب عبد الناصر به عينه أول سفير لمصر في واشنطن فرافقت زوجها تكافح مع معركة رفض البنك الدولى تمويل السد العالى في مصر. هى أيضا تلك السيدة التى عكفت على كتابة كتاب باللغة الإنجليزية بنفسها على جهاز الكمبيوتر، وهى في الـ 95 من عمرها ووقعت الكتاب في حفل علنى لتعطى النموذج على القدرات الفذة للمرأة المصرية . رحمها الله ورحم كل هذا الجيل