الارشيف / عالم المرأة / أخبار المرأة

حزب التحرير وقداسة العنف ضد المرأة

  • 1/2
  • 2/2

الكاتب الصحفي: باسل ترجمان - تونس - خاص بـ " وكالة أخبار المرأة "

كعادته خرج حزب التحرير بمواقفه المخالفة للمألوف ببيان يرفض "مشروع قانون القضاء على العنف ضد النساء والفتيات في تونس" واصفاً المشروع بأنه "ظاهره الرحمة وباطنه من قبله العذاب".
المثير أن القسم النسائي في الحزب أصدر البيان، المعبر عن عمق الفكر المسيطر على عقول أعضائه الذين يربطون بين الإسلام ونظرية المؤامرة،  معتبرين مشروع القانون الجديد بأنه يعبر عن مواقف من وصفها " بجهات رسمية وجمعيات تدعي أنها تحمل همّ المرأة وتدافع عنها وأنها تقتات من آلام المرأة وأوجاعها وتستعمل الشعارات البراقة لتنفيذ أجندات خبيثة ودسم يتخلله السم الزعاف".
بيان الحزب أعتبر مشروع القانون خبيثا وسيزيد الطين بلة،  ومن يمعن النظر فيه يدرك أن مضمونه كارثي وأهدافه ماكرة تتخفى وراء الشعار البرّاق "القضاء على العنف".
المستغرب من حزب التحرير الغريب في أفكاره وحكاياته المسطحة عن الإسلام وتقديس تاريخه وربطه بالدين ليكون فوق النقد وإعادة الاستقراء، أنه يقف ضد مشروع يجرم العنف ضد المرأة متذرّعا كعادته "بأنه يحمل همّ المرأة بصدق وبوعي وببديل مستمد من الوحي وسيقف بالمرصاد لمثل هذه المشاريع التي يسوقها الغرب بأياد محلية".
بيان الحزب تناسى أن يقدم بديله للدفاع عن المرأة واكتفى بإلصاق موقفه بالبديل المستمد من الوحي، وكأن ما يعلمه الحزب مما أنزله الوحي لا يعلمه غيره ويضع نفسه أنه صاحب القراءة الوحيدة المتفردة للدين والشريعة.
مشكلة العنف المسلّط ضد المرأة في المجتمع التونسي أنه جزء من موروث ديني وثقافي واجتماعي يرفض الاعتراف بأن الممارسات تلك ترفض قبول المتغيرات الثقافية والاجتماعية، وتحنّ لزمن استعباد النساء رغم فشل مجتمعات الذكورة في مواجهة الواقع والتعايش معه، والمرأة التي خرجت من قمقم الجهل الديني والثقافي يصعب عليها العودة لزمن الجواري وزواج القاصرات وتعدّد الزوجات وهذا الموروث المهين لإنسانيتها ووجودها.
الإسلام اليوم عاجز في ظلّ القراءات التقليدية عن مواجهة أن المرأة خرجت عن المفاهيم الجامدة للنص ولا يمكن أن تعود، والحاجة ليست في إعادة المرأة لزمن الجواري ولكن في تطوير القراءة لتلائم روح العصر ومتغيراته.
بعيدا عن الاتهامات والتكفير يبدو جلياً أن قدرة جماعات الإسلام السياسي بالخروج عن فهم السائد أضعف بكثير من قدرتهم على فهم الواقع، وإصرارهم على العيش في أوهام الخلافة السادسة الرشيدة والجيوش الإسلامية التي ستقوم في ليلة وضحاها لترفع الرايات وتحرر بيت المقدس.
الخليط العجيب بين الدين والوهم، والتاريخ المزيف والواقع، ونظرية المؤامرة على الإسلام والمسلمين، يجعل من خلطة حزب التحرير العجيبة التي وضع أسسها تقي الدين النبهاني أشبه بحكايات تحتاج لمن يعيد تركيبها في الواقع، ويخرج الواقع من عباءة الدين التي لم تعد قادرة على احتواءه إلا عبر استعادة الصورة التي أراد فهم الإسلام المتخلف تصديرها مرة أخرى بمفاهيم تريد استعادة التاريخ والهروب من الحضارة وتقدم الحياة إلى الكهوف في أفغانستان.
في انتظار اكتمال المؤامرة على الإسلام التي يتحدث عنها حزب التحرير منذ أكثر من ثمانين سنة، قفز الزمن بوضع المرأة في تونس لتكون شريكاً كاملا في مجتمع يحلم بعدالة أكبر ومساواة أعمّ يتساوى فيها الجميع دون تمييز بين رجل وامرأة في الحقوق والواجبات على اعتبار ما يقدموه وليس على اعتبار الجنس أو اللون.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى