شغلت المرأة السعودية في عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز- رحمه الله – مساحة ضاجَّة من صوت الإعلام المحلي والخارجي وذلك لما خاضته من قضايا محورية ونضال على المستوى الحقوقي والتنموي المتعلق باستحقاقاتها في المجتمع، ونالت ما نالته من امتيازات ومكتسبات ومازالت ماضية في طريقها رغم كثرة المثبطات من بعض عناصر المجتمع، واصطدام آمالها في كثير من الأحيان مع بيروقراطية الأنظمة التي تجعل من مساعيها مضاعفة وفي حالة مشحونة بالتحدي للذات، وكذلك نالت من التوهج الإعلامي فيما يتضمن الإنجازات التي كانت ضمن سلسلة من التغيرات الإيجابية بمستويات متفاوتة فيما يتعلق بتفعيل حضورها ودورها في عدَّة محافل مقارنة بالمراحل السابقة لعهده، ولأننا ندرك أنَّ مقدار وعي الشعوب يتجلى في منهجيته الواعية في تسريع عجلة تخطي السلبيات والتشبث بالمكتسبات مهما كان مقدارها قياساً بالأهداف المنشودة، وأنَّ الأدوار تتكامل والمنجزات تخطو قدماً دون العودة للوراء، فإنه ومع بداية عهد جديد لعل المرأة السعودية تتطلع لبناء وإكمال ما مضى من مكتسبات، ويبدو أنَّ سقف تطلعات المرأة السعودية أكثر ارتفاعاً من مجرد أن تكون عاملا ثانويا مساعدا وداعما لدور نظيرها الرجل في المنصات التنموية واتخاذ القرار، لأنها تنشد الأهلية الكاملة واتساع مساحة مشاركتها في خوض غمار التنمية الحقيقية لهذا الوطن فكما أن المرأة نصف المجتمع فلها الحق في المشاركة في كافة القطاعات الوظيفية بالمناصفة بما لا يتعارض مع قيم ديننا وأخلاقياتنا الاجتماعية، وهذا يستدعي أن يُفتح لها مجال أوسع في نطاق المشاركة في العملية التنموية، وأن تخرج المرأة من قمقم القطاع التعليمي والصحي التي حُصرت فيه وتفتح بقية القطاعات أذرعها لاحتضان قدرات ابنة الوطن وإمكاناتها الإبداعية في مجالات الصناعة والإدارة والاتصالات والدفاع والطيران والسياحة وغيرها من المجالات.
وعند القول: الماء المالح لا يروي عطشاً، فهكذا يمكننا توصيف واقع المرأة المُتعطش لقانون يخط الحروف بإتقان، ويرسم النقاط فوق الحروف بوضوح، فمهما قُدِّمت المبادرات وفُتحت الأبواب لدعم ومساندة المرأة لتتخطى بعض العوائق والمشكلات التي تعترضها، فذلك لا يلغي حاجتها الملحة لإصدار قوانين صارمة مفعلة على أرض الواقع، تكفل لها حقوقها وتحميها دون أن يلزمها الأمر بالهرولة والبحث عن منافذ نجاة وخلاص مما تُعاني سواء على المستوى الأسري أو الاجتماعي، فالقانون حين يطبق بصرامة يجنبنا كثيرا من القضايا العالقة في أروقة المحاكم، التي هي حبيسة الأدراج لسنوات عدَّة، ويحد من فوضى الاعتداءات والتعدي على حقوقها التي كفلها الإسلام، فالمرأة غنيَّة عن أن تكون رهينة اجتهادات فردية قد تصيب أو تخطئ ولربما تلك الاجتهادات تقسو وتدمي أعماقها إن لم تنصفها وهذا يحدث في كثير من القضايا التي نعلم منها القليل عن طريق وسائل الإعلام، وما يتسرب من أروقة المحاكم، فقضايا التحرش والعنف الأسري والاستغلال والابتزاز.. وغيرها، إذًا القانون يردع ويلزم من لايمتلك الرادع والضمير ومن يضرب مبادئ الإسلام عرض الحائط، ولعلّ وصفاً دقيقاً مطابقاً لحالها: بأنها كالغصن الرطب تميل إلى كل جانب مع الرياح، لكنها لاتنكسر في العاصفة.