قضية المرأة هي قضية المجتمع بأكمله ودرجة تقدم المرأة هي الفارق في المجتمعات بين التحضر والتخلف وبين الانشداد للماضي والانتقال الى المستقبل.
انه الفارق بين التحجر على مقولة غلبة الرجل ومسكه لكل مقاليد الامور وبين التشارك والتعاون على اساس التوافقية بين الرجل والمرأة في تسيير امور الحياة.
ان هذا المنطلق الصحيح هو الذي يفرض وجود تشكيلات نسوية عابرة لشرنقة الاحزاب السياسية او هويات الفئة والطائفة والدين الى البعد الانساني الجندري المهتم بالنوع الاجتماعي بعيدأ عن الانحدار الاجتماعي والسياسي . ولذلك وجدنا في المؤتمر الذي انعقد يوم 17/1/ 2010 في قـــاعة نادي الصيد والذي انبثق عن تجمع (نساء لعراق مدني) خطوة اساسية لوضع الحلول لقضية المرأة .
ان هذا المؤتمر الذي حضره عدد كبير من الناشطات والاكاديميات والاعلاميات ، ونظم من قبل رابطة النساء المستقلة ورابطة تشكيليات عراقيات ركز على فصل قضية المرأة عن التجاذبات الطائفية والحزبية السياسية كاشـكالية حضارية يؤدي عدم حلها الى تأزيم مجتمع باكمله.
ان الميثاق الصادر عن المؤتمر شكل نظرة شمولية اكد على مشاركة في صنع القرار على جميع المستويات لبناء عراق يسود فيه السلام وحماية حقوق الانسان وضمان حرية الصحافة وحرية التعبير الفني والفكري وحرية العبادة والملكية الخاصة واستخدام موارد الدولة من اجل رفاهية الفرد. وجاء في الميثاق (ان الصفات المدنية هي الاساس في الديمقراطية) ومثلما جاء في ختام الميثاق ان (التغيير ليس سهلاً ويتطلب المثابرة والالتزام وقد يمتد عقودأ.. لكن علينا ان نبدأ من مكان وزمن ما فلنبدأً).
ولا يسعنا الا ان نحيي كل ما ورد في الميثاق من افكار واسس ومقترحات حلول زكتها الحياة وتجارب الشعوب المتحضرة في العالم . فأي محاولة لغلق منافذ العقل وصد رياح التغيير واستنساخ الماضي الساكن لتطبيقه في الحاضر المتحول والمتغير وكل فكر ينفي التطور العلمي والتقني الهائل للحضارة لصالح مقولات قيلت في امكنة وازمنة غابرة سيكون مآلها الاضمحلال . وبما ان التجربة خير برهان فان المثقفين والسياسيين ورجال الدين العراقيين وكل المعنيين بالتطور الاجتماعي عليهم اخذ ذلك بنظر الاعتبار فلا توجد تجربة واحدة ناجحة في الاقتصاد والديمقراطية والدولة المدنية استندت الى نظرية تفوق الرجل على المرأة وافضليته وليس في العلوم الاجتماعية اية ادلة تشير الى ذلك.
ان تجمع (نساء لعراق مدني) يمثل بشرى تدشين شبكة واسعة جدأ من النساء في مختلف مجالات العلم والمعرفة والعمل من اجل هدف وضع الدولة المدنية على سكة التطبيق العملي فمن المستحيل الحديث عن مدنية الدولة ودولة المواطنة في وقت تضطهد اكثرية السكان العراقيين وهن النساء . وهذا التشكيل والتشكيلات الائتلافية الاخرى التي سبقته سوف تنقذ ألمراة من الخطاب الحزبي والطائفي ولن تعود المرأة مجرد صوت انتخابي للرجل لتوظيفه للبرامج الحزبية كما ان المرأة ستصبح العنصر الفاعل والمؤثر والمحوري لبلورة انعطاف اساسي في الدولة لان التحول الايجابي في حل قضايا المرأة بمنطق العصر وتطبيق المعاهدات الدولية بشأن المرأة والطفل والاسرة وعدم التحفظ كما هو حاصل الان على بنود اساسية فيها ، يعني في النهاية اخراج الديمقراطية العراقية من طابعها الشكلي السطحي الشعاراتي الى التجسيد الحي والمعمق والتطبيقي .
شكرأ لكل اللواتي شاركن في هذا التجمع وشكرأ للسيدة اللامعة والنشطة لامعة الطالباني التي جسدت مع زميلاتها نموذجا راقيا للمراة التي لا تسكت ولا تخضع ولا تستكين حين يتعلق الموضوع بانصاف اكثر من نصف المجـتمع العراقي وصولآ الى تطور كل المجتمع.