أصبح الوفاء بعهد تحقيق المساواة بين الجنسين أقرب في العام 2015 من أي وقت مضى إذ أظهر بحث حديث نشره مركز الأبحاث "بيو" أن غالبية الأميركيين يعتقدون أن النساء يمتلكن القدرات والمؤهلات نفسها ؛التي يملكها الرجال؛ وتخولهن لاعتلاء مناصب سياسية ووظيفية رفيعة.
يُنظر إلى النساء بلا تمييز عن أقرانهن الرجال عندما يتعلق الأمر بالصفات القيادية كالنباهة والقدرة على الابتكار.
وبالنسبة إلى صفات أخرى –كالصدق والنزاهة والرحمة والاستعداد لتقديم التنازلات– يجد العديد من الأميركيين حقيقة أن المرأة تتفوق على الرجل في ذلك.
إنه لمن المغري أن نقرأ التقرير كإشارة إلى إحراز تقدم؛ فعلى أية حال، يضم الكونغرس ؛الذي يتكون من 114 عضو؛ عدداً قياسياً من النساء يتمثل في 104 يخدمن في مجلسي النواب والشيوخ.
وعلى صعيد الشركات، تحتل 26 سيدة منصب المدير التنفيذي في الشركات الأميركية الـ500 الأفضل؛ بالمقارنة مع عدم تقلدهن أي منصب كهذا في العام 1995.
ولكن؛ في الواقع؛ تشكل أعضاء الكونغرس من النساء ما نسبته
19 % فقط من الكونغرس ككل، والمديرات التنفيذيات 5 % ليس إلا من الشركات الأميركية الـ500 الأفضل.
وباختصار؛ على الرغم أن الأرقام تمضي شوطاً طويلاً، إلا أنها ما تزال منخفضة بشكل كبير؛ إن نجاح هيلاري كلينتون أو بارا ماري أمر مشجع ولكنهما استثناء للقاعدة.
ما الذي يعيق تقدم النساء في المناصب القيادية خلال القرن الحادي والعشرين في أميركا؟
وفقاً لمركز "بيو"، تكمن المشكلة في أنه ما يزال يتعين على النساء أن تصنع أكثر من الرجال لإثبات أنفسهن.
بطبيعة الحال، يوحي هذا الاستنتاج بافتراض يبعث على القلق وهو أننا نواصل في توقعنا أن النساء لا يستطعن القيام بما يفعله الرجال.
وبالرغم من كوننا نتيح إمكانية ذلك؛ إلا أن توقعاتنا الأساسية تدور حول أن الرجال أكثر قدرة ومهارة.
وهذا بدوره يضع المرأة في موقف تضطر فيه إلى أن تتجاوز المعايير التي يمتلكها الرجال لإثبات كفاءتهن.
وحتى مع ذلك؛ فمن غير المحتمل أن تكافأ جهود المرأة وفقاً لما أشارت شيريل ساندبرج وآدم أشار إليه في مقالة لهما نشرت في صحيفة "نيويورك تايمز" مؤخراً، عندما يتكلم الرؤساء التنفيذيين الذكور، فهم يتلقون تقييم كفاءة أعلى بنسبة 10 %؛ بينما يكون تقييم الكفاءة عند المديرات التنفيذيات، عندما يقمن بالأمر المماثل، أقل من نظرائهم الرجال بنسبة 14 %. وعلى صورة مشابهة؛ يتلقى الموظفون من الذكور تقييمات أداء أعلى عندما يبتكرون فكرة جديدة فيما يبقى تصور الأداء لا يتزحزح من مكانه لدى المدراء عندما تأتي النساء بأفكار جديدة.
ومن ثم هناك المشاكل الهيكلية التي تتعلق بإنجاب الأطفال عند النساء؛ تصف بريجيد شولت في كتابها الجديد بعنوان "الارتباك"، بعض المعايير المزدوجة التي تواجهها النساء في مكان العمل.
ووجدت الأبحاث أن النساء الحوامل يعتبرن "أقل تحملاً للمسؤولية وأكثر لا منطقيةً، بغض النظر عن أدائهن الحقيقي".
وغالباً ما يُنظر إلى الأمهات على أنهن أقل التزاماً بالوظيفة من غير الأمهات. بينما لا يشاهد الآباء، في الوقت نفسه، على أنهم أقل تميزاً عن غير الآباء منهم فقط، وإنما أكثر إلتزاماً بالعمل أيضاً.
وكنتيجة لذلك، فبينما تعاقب الأمهات غالباً بسبب التزاماتهن الأسرية، يميل الآباء إلى أن "يوصى بهم للتدريب الإداري أكثر من الرجال الذين بلا أطفال". يصف الباحثون هذه الظاهرة بـ"عقوبة الأمومة" و"مكافأة الأبوة" وهذا دون الأخذ في الاعتبار بعض تعقيدات إجازة الأمومة ورعاية الطفل، التي تؤثر بشكل غير متناسب بالإناث العاملات.
في ضوء الأرقام والبحوث، كيف يكون ممكناً أن معظم الأميركيين ما يزالون يعبرون عن مثل هذه الآراء الإيجابية للقيادة الأنثوية؟ يعد من الصعب احتساب مستوى التناقض بين تقرير مركز "بيو" وواقع سوق العمل الأميركية.ليس التمييز على أساس الجنس إجابة مُرضية منذ أن بدأ الناس يؤمنون بأن النساء قادة أكفاء.
ربما تعتبر مسألة تحيز متأصلة، إلى درجة أن أفعالنا ما تزال لم تواكب وجهات نظرنا المستنيرة.
يدعي الأميركيون اعتناق آراء عادلة –فهم يدركون أن هذه هي الآراء الصحيحة لوضعها في الاعتبار، ما يشبه إلى حد كبير حقيقة أن معظم الأفراد سيقولون بشكل لا غبار عليه بأنهم ليسوا بعنصريين.