أعلن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، تشكيل "مجلس الإمارات للتوازن بين الجنسين" برئاسة حرم سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة، سمو الشيخة منال بنت محمد بن راشد آل مكتوم، رئيسة مؤسسة دبي للمرأة، في دفعة جديدة قوية تؤكد وتدعم جهود دولة الإمارات الرامية لتفعيل دور المرأة كشريك أساسي في صنع المستقبل.
جاء ذلك خلال زيارة سموه، يرافقه سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، وسمو الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم، نائب حاكم دبي، وسمو الشيخ أحمد بن محمد بن راشد آل مكتوم، رئيس مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم، لجلسة "التوازن بين الجنسين في الحكومات" التي عُقدت اليوم برئاسة سمو الشيخة منال بنت محمد بن راشد ضمن أعمال اليوم الثاني للقمة الحكومية في دبي.
وقد أعرب صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم عن اعتزازه وسعادته باستضافة دولة الإمارات لهذا الحوار البنّاء حول أحد أهم الموضوعات المتعلقة بالمرأة تماشياً مع نهج الدولة في تعزيز مكانتها ومنحها المكانة المستحقة في المجتمع وإمدادها بالمقومات التي تكفل لها التواجد في ميادين العمل المختلفة تكاملاً مع دورها كمربيّة للأجيال وعماد للأسرة؛ اللبنة الرئيسة لبناء المجتمع.
وقال سموه: " أنا فخور بهذا النقاش، ونحن دائماً في دولة الامارات نسعى أن يكون للمرأة مكانتها المناسبة، وما تم نقاشه في هذه الجلسة لن يتوقف عند هذا الحد؛ لذا، أعلن عن تشكيل مجلس الإمارات للتوازن بين الجنسين برئاسة الشيخة منال بنت محمد".
من جانبها، أعربت سمو الشيخة منال بنت محمد بن راشد آل مكتوم عن كل التقدير والإعزاز لصاحب السمو نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي لدعم سموه الدائم للمرأة وحرصه على فتح آفاق جديدة أمامها للمشاركة الإيجابية البنّاءة في مسارات التنمية على اختلافها، وتقديم عناصر الدعم اللازمة لتمكينها من إطلاق قدراتها الإبداعية لتكون بذلك رافداً جديداً من روافد قوة بلادنا وعزتها ورفعة شعبنا وتقدمه.
ووجهت سموها كل الشكر والعرفان لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد لقرار سموه تشكيل مجلس متخصص تتركز رسالته على تحقيق مزيد من المساواة بين الرجل والمرأة، في رسالة جديدة تؤكد الدعم القوي الذي عودنا عليه سموه، ومواصلة للنهج الذي أرساه الوالد المؤسس المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي أرسى أسس راسخة للمساواة بين الرجل والمرأة، وما وضعه من ثوابت تمنح المرأة حقها كاملاً في المشاركة في ميدان العمل بل ولشغل المواقع القيادية إذا ما توفرت لديها المقومات الازمة.
وعن النجاحات التي أحرزتها المرأة الإماراتية حتى اليوم، قالت سموها أنها حصاد غرس زايد، وثمرة الرعاية الكبيرة التي يوليها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وأخوه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، ودعم سموهما المستمر للمرأة ضمن كافة أدوارها سواء كأم ومربيّة للأجيال وكذلك كشريك مؤثر وعنصر حاسم من عناصر معادلة التنمية.
وأكدت سمو الشيخة منال بنت محمد أن العمل سيبدأ على الفور لتنفيذ التوجيهات السامية ووضع الأطر التنفيذية وصياغة الاستراتيجية العامة للمجلس بما يضمن تحقيق الأهداف المنوطة به، للنهوض بدور المرأة على أساس من المساواة الكاملة مع الرجل وفقاً لرؤية القيادة الرشيدة وإعمالاً لدستور دولتنا الذي نصّ على المساواة بين الرجل والمرأة، وبما يتفق وإمكاناتها، مع السعي للارتقاء بقدرات المرأة وصقل مهاراتها ضماناً لفرص انخراطها في مجالات العمل الملائمة.
ريادة الإمارات
وخلال ترؤسها لجلسة "التوازن بين الجنسين في الحكومات" في ثاني أيام القمة الحكومية في دبي، أشادت سمو الشيخة منال بنت محمد بالعناية الكبيرة التي تلقاها المرأة من قيادتنا الرشيدة، وقالت إن المساواة بين الرجل والمرأة أصبحت من أهم متطلبات نجاح وازدهار المجتمعات المتحضرة، وأن التوازن بين الجنسين في الحقوق والواجبات هو أحد السبل الرئيسة لتحقيق السعادة، والأمن، والاستقرار، والرخاء والتقدّم للشعوب، مؤكدة سموها أن دولة الإمارات كانت سبّاقة في هذا المضمار بما كفلته للمرأة من مساواة مع الرجل في مختلف مجالات الحياة.
جاء ذلك في الكلمة التي ألقتها سمو الشيخة منال بنت محمد في مستهل جلسة "التوازن بين الجنسين في الحكومات" والتي ترأستها سموها ضمن أعمال القمة الحكومية المنعقدة في دبي، تحت رعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، بمشاركة ما يزيد على 3500 من الوزراء والمسؤولين الحكوميين والرؤساء التنفيذيين والخبراء المتخصصين في مجال تطوير العمل الحكومي في 93 دولة.
وأمام حشد من كبار مسؤولي الحكومات العربية والأجنبية وخبراء التطوير فيها، قالت سموها إن دولة الإمارات بلغت مراحل متقدمة في الوقوف إلى جوار المرأة ومساندتها لبلوغ مستويات أرقى من النجاح الذي يعني بدوره مزيدا من التقدم للمجتمع، مستشهدة بمقولة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم: "نحن تجاوزنا مرحلة تمكين المرأة.. نحن نمكّن المجتمع عن طريق المرأة"، بما تحمله تلك العبارة من دلالات مهمة، وما تؤكده من مدى الثقة التي توليها قيادتنا الحكيمة للمرأة ولقدرتها على إحداث فارق إيجابي يساهم في الأخذ بمجتمعاتنا إلى الأمام.
وقالت سموها: "كانت دولتنا سبّاقة لتحقيق المساواة بين الرجل والمرأة والتي هي في واقع الأمر شأن متأصل في واقعنا وملمح ملموس من ملامح الحياة اليومية للمجتمع الإماراتي"، مشيرةً إلى أن دولة الإمارات طالما عملت على إذابة الفوارق بين الجنسين وبما لا يخالف تقاليدنا العريقة، تأكيداً على إشراك جميع أفراد المجتمع نساءً ورجالاً وفق ما نصّ عليه دستور دولتنا من مساواة في الحقوق والواجبات.
وفي لمحة إعزاز وتقدير ، أثنت سمو الشيخة منال بنت محمد على الدور الكبير الذي تقوم به أم الإمارات سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام، الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة في شأن دعم وتمكين المرأة، بما قدمته سموها من أياد بيضاء عديدة في هذا المجال، منوهةً بالنموذج الرائع الذي قدمته أم الإمارات للمرأة في بلادنا من خلال الوقوف إلى جوار زوجها المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ومساندته طيب الله ثراه إبان مرحلة قيام الاتحاد.
وقالت سمو رئيسة مؤسسة دبي للمرأة في كلمتها إن ما حققته دولة الإمارات في مجال تمكين المرأة و إثبات ذاتها كشريك قادر على الإنتاج بكفاءة هو مصدر فخر واعتزاز لنا، مشيرة إلى أن تلك الانجازات جاءت في ضوء إدراك الدولة لأهمية دور المرأة في المجتمع وقيمة مشاركتها إلى جوار الرجل في رحلة البناء والتطوير التي تمضي فيها بلادنا بخطى حثيثة نحو المستقبل .
نظرة تحليلية
وركّز النقاش خلال الجلسة التي ترأستها سمو الشيخة منال بنت محمد على العديد من الموضوعات الحيوية المتعلقة بموضوع الجلسة بما له من أهمية تطرق لها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون خلال كلمته التي ألقها أمس (الاثنين) في أول أيام القمة الحكومية الثالثة، إذ سعى المشاركون إلى التوصّل إلى تحليل وتوصيف دقيق لموقع المرأة من ميادين العمل المختلفة على مستوى العالم.
وبدأت الجلسة التي حملت عنوان "التوازن بين الجنسين في الحكومات" بمحاولة إيجاد تعريف واضح لمسألة "التوازن" من خلال توصيفه بأنه منح المرأة فرصة متساوية مع الرجل في العمل الحكومي، وكذلك المساواة في الحوافز والمكافئات والموارد، والقدرة على المشاركة في الحياة العامة على قدم المساواة مع الرجل، وطرحت أمثلة على التوازن بين الرجل والمرأة عالميا ومنها الحق في الترشّح للتمثيل البرلماني، والمشاركة في الحياة السياسية، وتقلّد المناصب التنفيذية القيادية، والوزارة، ومجالس الإدارة، والعمل الدبلوماسي، وكذلك التوازن في التعليم والتدريب والتعيين والترقية والمميزات والفرص.
وفي محور التوازن بين واجبات المرأة المنزلية والعمل، بادرت الجلسة إلى التأكيد أن التوازن يعني نجاح المرأة في التوفيق بين متطلبات بيتها وأسرتها من جهة وعملها من جهة أخرى دون التأثير سلباً على أحد الاطراف، وبالتالي تحقيق النجاح الوظيفي والحفاظ على الاستقرار الأُسري ووصول المرأة للمناصب القيادية، في حين تعرض النقاش للتحديات التي تواجه المرأة في هذا الخصوص حول العالم والتي أوجزتها في ضعف القوانين والتشريعات التي تدعم وجود المرأة في العمل، وافتقار بعض الدول إلى مبادرات وحلول مبتكرة تيسّر على الأم العاملة تواجدها في العمل والحفاظ على استقرار اطفالها في ذات الوقت، كذلك عدم قدرة الموظفة على ادارة الوقت وتوزيعه بصورة فعّالة بين التزاماتها الأسرية والعمل، علاوة على النظرة السائدة في بعض المجتمعات وعند بعض صنّاع القرار أن الأم العاملة غير منتجة في العمل.
وتناولت الجلسة في محورها الثاني النمط الاجتماعي والثقافي وأثره في عملية التوازن، بما في ذلك تأثير المجتمع والثقافة والنظرة السلبية السائدة للمرأة على تمثيلها في العمل والمناصب القيادية، وأثر دعم قيادات الدول على تغيير مفاهيم المجتمع، واختلاف وتنوع الثقافات في بيئة العمل الواحدة و تأثير ذلك على المرأة، علاوة على تأثير المجتمع على اختيار المرأة لقطاع العمل ضمن مجالات معينة مثل السلك الدبلوماسي الذي قد يتطلب من المرأة السفر إلى الخارج، كذلك نظرة المجتمع لتولي المرأة لمناصب قيادية وتشكيك البعض في قدرتها على أدارة الرجال في العمل، إلى جانب تأثير التعليم والإعلام في تشكيل المنظور الاجتماعي لدور المرأة .
وركّز المحور الثالث على التوازن بين الجنسين في الحكومات من المنظور القانوني والتشريعي، عبر مناقشة تأثير القوانين في بعض الحكومات على مشاركة المرأة في سوق العمل والمناصب القيادية والأنشطة الاقتصادية، فضلاً عن ضعف التشريعات الداعمة للمرأة في بعض الدول، وغياب دور المؤسسات النسائية فيها فيما يتعلق باقتراح السياسات، في حين شمل الحوار دور المؤسسات الدولية مثل في مراقبة وجود وتطبيق التشريعات الممكنة للمرأة والداعمة لها.
واستعرض الحضور مجموعة من الإحصاءات والمقارنات التي أبرزت دور المرأة على الصعيد العالمي وضمن مختلف المجالات، إذ أظهرت الأرقام التقدم الكبير الذي أحزرته دولة الإمارات على المستوين العربي والعالمي في تمكين المرأة وضمن مختلف التقارير الدولية، في حين أشارت الإحصاءات إلى أن المرأة تتحكم في أكثر من 50% من الاقتصاد العالمي غير الرسمي، بينما أظهرت الدراسات ارتباط زيادة الناتج القومي للدول المتقدمة بمستوى تعليم الفتيات في المرحلة الجامعية