التغير القادم الحتمي الذي سيغمرنا مذهل والتنبؤات كبيرة جداً، ولعل ثورة الاتصالات وما رافقها من ظهور برامج وتطبيقات تقاطعت بشكل واضح وجلي مع تفاصيل حياتنا، أعطت دفعة قوية للمزيد من التوقعات نحو مستقبل غريب لكنه باهر ومختلف تماماً عن طبيعة حياتنا اليوم.
أقول إن شبكة الإنترنت أسهمت في مثل هذه الثورة، فمعظم التقنيات الحديثة معتمدة عليها كلياً، وما ثورة الاتصالات الذكية والهواتف المتناهية الصغر والمزودة بشاشات تعرض صورة وصوتاً إلا خطوة أولية في هذا السياق، حيث نعلم أن تقنية انتقال (طيف) للشخص الذي تتصل به وتشاهده واقفاً أمامك باتت موجودة وتم عرضها في مختلف عواصم العالم، حيث يتم اتصال عادي بواسطة جهاز تم تصميمه لهذا الغرض فيظهر لك الشخص البعيد عنك بآلاف الأميال وهو جالس أو واقف بجانبك يحدثك والآخرين الذين بجوارك يسمعونه ويشاهدونه.
وهذه الثورة يتوقع أن تكون في متناول الناس وفي الأسواق قريباً بعد أن تخرج من حقول البحث والمعامل العلمية في الجامعات والمصانع، تماماً كما حدث أولاً مع شبكة الإنترنت ثم الهواتف الذكية التي ظلت لفترة من الزمن نخبوية ثم نزلت للأسواق بأسعار باهظة، وهذا نحن نراه اليوم في أيدي الجميع. لكن التطور الهائل لن يكون في مجال الاتصالات وشبكة الإنترنت وحسب، وإنما سيكون شاملاً لكافة مرافق الحياة.
قرأت في مجلة ناشيونال جيوغرافيك، تحت عنوان: هكذا ستكون حياتنا في الفترة ما بين 5 إلى 10 سنوات المقبلة، بقلم بول سافو، وهو خبير في تكنولوجيا المستقبل قال: «سوف تسير السيارات ذاتية القيادة على طرقنا جنباً إلى جنب السيارات العادية، وسوف يحدث ذلك في المناطق الحضرية أولاً، ومن ثم ينتشر بجميع المناطق في السنوات العشر التالية. وفي المستقبل البعيد، لن يكون المرء بحاجة إلى امتلاك سيارة، فعندما يريد الذهاب إلى مكان ما، سوف يشترك في خدمة النقل بالسيارات ليجد إحداها بانتظاره عند باب منزله. إننا نبتعد عن الاقتصاد المعتمد على الشراء، إذ سوف نتحول إلى دفع اشتراك للحصول على البضائع مثل الهواتف الذكية، وسوف لن نشتري برامج الحاسوب أو الأجهزة الذكية أبداً، بل سنحصل عليها بدفع الاشتراك.
ومن خلال هذه الكلمات يتضح أن البشرية مقبلة على نوع مختلف من التطور وهو تطور شامل وعام، وأيضاً تطور جذري. ومن المؤكد أن الكلمة العليا ستكون للآلة الجامدة القاسية.