الاستغلال أمر واقع في حياتنا، ويعتقد البعض أنه ينحصر في الجوانب المادية والمالية وحسب، لكنه مفهوم وكلمة واسعة تشمل جوانب حياتية عديدة ومتنوعة، منها الجوانب النفسية والأخلاقية، وحتى بناء العلاقات الاجتماعية، فهناك الاستغلال العاطفي والخدمي والمعلوماتي المعرفي والأخوي أو ما يعرف بالصداقة، ورغم أن الاستغلال ممارسة مقيتة إلا أنه في أحيان لا يخضع لأي عقاب أو رادع، مثل أن يتقرب منك شخص ويدعي الصداقة والأخوة، وهو يهدف لاستغلالك بأي شكل من الأشكال، ثم يتركك ويتخلى عن تلك الصداقة بعد أن حقق غرضه بالاستفادة.
ويمكننا أن نتحدث مطولاً عن الاستغلال العاطفي، والذي يتم بناؤه على وعود وكلمات كالحب والغرام وغيرها، وما يلبث أن يحدث تنكر وهجر..
جاء في معجم المنجد في اللغة العربية المعاصرة تعريف للاستغلال، وهو: «استخدام شخص وسيلة لمأرب، استفادة من طيبة شخص أو جهله أو عجزه لهضم حق أو جني ربح غير عادل». في أحيان كثيرة ندرك أن الشخص المقابل لنا يقوم باستغلالنا ولكننا نؤثر بأن نسمح باستمرار هذا الاستغلال، والسبب قد يعود لأن لدينا أمل بأن يتغير ويتحول هذا الاستغلال لمنفعة متبادلة وصداقة دائمة.
حتى في الجانب العاطفي قد يعلم الرجل أو المرأة بأن الطرف الآخر يستغله ولكنه يصبر ويتحمل على أمل أن يتغير وأنه قد تتبدل مشاعره وتكون حقيقية وصادقة. قد يعتقد البعض أن الاستغلال واقع محدود أو عابر، بل إنه يكاد يكون ظاهرة عالمية، لدرجة أن هناك كتباً تم نشرها تحاول رصد هذه الظاهرة وعلاجها، ولعل من أشهرها وأكثرها انتشاراً على مستوى العالم كتاب المؤلفة الدكتورة هاربت بريكر، الذي ترجم لعدة لغات منها العربية تحت عنوان: كيف تكسر دائرة الاستغلال وتستعيد السيطرة على حياتك.
وخلاله سلطت الضوء على مختلف أنواع الاستغلال ومنه العاطفي، ولعله فعلاً يعتبر الأكثر شيوعاً، لكننا أيضاً نلاحظ أن هناك استغلالاً في بيئة العمل، حيث تضطر أن تتحمل مهام وأعمالاً ليست موكلة لك رغبة في التخفيف عن زميلك الذي يعتاد على هذه الممارسة دون الالتفات لتضحيتك. وتبعاً لهذا يمكن القياس على قصص أخرى تحدث في الحياة يكون الاستغلال من أقرب الناس. والمقصود ببساطة متناهية لا تجعل نفسك مرتعاً لاستغلال الآخرين، يمكنك أن تتنازل عن حقوقك لكن هذا سيكلف عناء نفسياً كبيراً عندما تشعر أن هؤلاء لم يتقربوا منك إلا للاستفادة منك لا أكثر