قبل عامين تقريبا من الآن نشر أحد الموقع العالمية المختصة تقريرًا عن العنوسة في الوطن العربي، جاء فيه أن العراق في المرتبة الثانية من بعد لبنان بنسبة 70%.
تلاه تقرير آخر بنسبة أخرى غير مؤكدة بأن 85 بالمائة ممن بلغن سن الزواج وتجاوزن عمر 35 سنة ..عوانس.
من المؤكد ، وفي بلد مثل العراق يعيش واقعًا سياسيًا وأمنيا غير طبيعيين _ ليس الآن فقط _ بل منذ عقود من الزمن ، حيث أدى إلى ارتفاع عدد الضحايا في صفوف الرجال ، وكذلك بسبب الفوضى وغياب التخطيط أيضا، ستكون مثل هذه الظاهرة الخطيرة واضحة ومؤثرة في المجتمع ، الآن ومستقبلا.
ويشير المختصون “أن الكبت العاطفي والحاجة إلى التعبير يزيد من حدوث جرائم التحرش والاغتصاب والذي يمكن ان يصيب المجتمع بالشلل لو استمرت مشكلة التأخر في الزواج”.
ويمكن تلخيص أسباب العنوسة إلى :
أسباب اجتماعية (المغالاة في المهور ومتطلبات الزواج ، التباين في المستوى الاجتماعي الذي بدوره ينعكس على عزوف الشباب وابتعادهم عن الزواج ، وكذلك الترسبات والعقليات العشائرية المتعصبة وغير الواعية في ظل توارث بعض العادات والتقاليد غير الصحيحة التي تقف عائقا أمام الشباب ، إضافة إلى غياب التوجيه والإرشاد والإسناد المادي والمعنوي من قبل الأهل والأقارب والمعارف.
وأسباب سياسية ( حيث الحروب وما تلاها من مآسي والحصار الاقتصادي ، ليأتي الإرهاب والتهجير وعدم الاستقرار، فيما بعد، مكملا لمسلسل الأسباب) حيث خسر العراق شبابه بسبب الحروب العديدة الفاشلة التي شنها رأس النظام الديكتاتوري السابق على أبناء شعبه أولا ومن ثم على الدول المجاورة ،كحماقات فردية مدمرة ، مما ولّد في النتيجة ، اختلالا كبيرا في التوازن السكاني للمجتمع ، لتتضاعف أعداد النساء مقابل أعداد الرجال ، وتفيد بعض الإحصائيات اليوم أن المرأة العراقية تشكل 60% من سكان العراق ، مما يعني أن الفارق أصبح واسعا بين الجنسين ، وهذا بدوره يشكل عقبة كبيرة تحتاج إلى الكثير من الإجراءات العاجلة والآجلة للتخلص من هذه الظاهرة الخطيرة في المجتمع .
وهناك الأهم .. أي الأسباب الإقتصادية (وتعني ضيق ذات اليد وضعف المستوى الاقتصادي والبطالة التي تلاحق الشباب وكذلك أزمة السكن .. مع انعدام الخدمات وضعفها ، كل هذا وغيره قد حوّل تفكير الشباب العراقي إلى الهجرة، ليصبح مشروع الزوج آخر اهتماماتهم ) ..
ترى ما هي الحلول ؟
نحن نرى أن إيجاد فرص عمل للشباب وحثهم على التفكير بالزواج.. ودعم مشاريع الزواج ماديا ومعنويا يجب أن تكون من أولويات الاهتمام الحكومي وكذلك مجلس النواب الذي عليه مسؤولية تشريع قوانين داعمة وساندة للشباب بغية تشجيعهم على الزواج.. وهناك دور مهم لمنظمات المجتمع المدني ظل غائبا للأسف ، أو بقى شكليا ونفعيا دونما نتائج ملموسة على أرض الواقع ، لأسباب كثيرة لا مجال لذكرها الآن .
مما يعني إيجاد مؤسسات مختصة بهذا الموضوع ( حكومية ومدنية ) ، مهمتها دراسة ومعالجة الأسباب بشكل علمي وتطبيقي مدروس دونما تأخير فعلي وروتيني في الإجراءات والممارسات العملية.
كما يجب أن يكون هناك حضور ودور قوي وفعال للآباء والأهل والأقارب عموما ، وكذلك دور رجال الدين والمدرسين وأهل الاختصاص بما يدعم ويوجّه الأبناء والأخوة من الشباب من أجل الإقبال على هذا المشروع الإنساني الذي يمثل حقا من حقوق الإنسان الطبيعية .
إضافة إلى اعتناء مراكز البحوث والمؤسسات العلمية والأكاديمية بمشاكل الشباب والتي منها صعوبة الزواج وإعداد البحوث النظرية والميدانية من اجل الخروج بتوصيات مفيدة ونافعة “
مع تطوير وتنشيط الدور الإعلامي في هذه القضية من أجل تحريك الساكن فيها وإيجاد الوسائل اللازمة والحديثة في التوعية وإسناد الشباب العاجز والبعيد عن بلوغ هدفه في الزواج.