استطاع عدد من الفتيات السعوديات تحويل موقع "إنستجرام" من مجرد تطبيق لنشر الصور وتبادلها إلى ساحة للتجارة الإلكترونية، يتغلبن فيها على البطالة ويحققن دخلا شهريا يفوق ما كن سيحصلن عليه لو التحقن بإحدى الوظائف في القطاع الخاص.
وقد تمكن هؤلاء الفتيات بفضل طموحهن ورغبتهن الأكيدة في العمل، من تحويل صفحاتهن الشخصية في الموقع إلى ما يشبه المتاجر أو السوق المفتوح، حيث تجد أنواعا مختلفة من الملابس والعطور والشنط والساعات والديكورات والأنتيكات المختلفة معروضة للبيع في بعض الصفحات المخصصة لذلك على الموقع.
وتشير الإحصائيات إلى أن 60 في المائة من السعوديين المستخدمين للإنترنت لديهم حسابات على موقع "إنستجرام"، وهو ما شجع الكثير من الفتيات لاستغلال الموقع لتحقيق دخل مادي من خلاله.
"سوق الإنستجرام" وانتشار الفتيات اللائي يسوقن لمنتجاتهن من خلاله، دفع جهات مسؤولة للتفكير بتقنين هذا العمل، وهو ما جعل وزارة التجارة تتجه إلى إصدار مسودة خاصة بالتجارة الإلكترونية.
وفي تعليقها على كثرة الفتيات صاحبات المتاجر على "إنستجرام"، قالت لـ"الاقتصادية" نوف الراكان رئيسة لجنة سيدات الأعمال بغرفة الرياض، إن الكثير من سيدات الأعمال يواجهن منافسة شرسة من الفتيات الناشطات في البيع والتجارة عبر موقع "إنستجرام"، مبينة أن سيدات الأعمال يتحملن رسوم سجل تجاري وجمارك وغيره، أما هؤلاء الفتيات فلا يتكلفن شيئا، مشيرة إلى أنها تسعى للحصول على إعفاءات جمركية لسيدات الأعمال لتشجيع فتيات الإنستجرام على الحصول على سجلات تجارية، لتشجيعهن على دخول عالم الأعمال بطريقة نظامية.
من جانبها، تقول غيدا الراجحي، صاحبة متجر إلكتروني (gaeshop) على "إنستجرام"، إنها بدأت بممارسة التجارة بموقع "إنستجرام"، منذ عام ونصف تقريبا، لافتة إلى أنها تعتبره عملا ثانويا كونها ما زالت تدرس بالمرحلة الجامعية، مؤكدة أنها حققت أرباحا جيدة وتزيد مع الوقت خاصة مع انتشار اسم متجرها الإلكتروني، ودخول عملاء جدد للصفحة الشخصية لمتجرها.
وتصف غيدا المنافسة في مجال البيع في "إنستجرام" بالصعبة والملأى بالمشاكل لأن الكثيرين يبيعون الشيء نفسه إلا أن التميز يكون بثقة العميل فيها وجلبهم عملاء لها عن طريق معارفها، موجهة نصيحة للراغبات في الدخول لمجال البيع عبر "إنستجرام"، أن يتعلمن في البداية كيفية اكتساب المتابعين، لجلب المزيد من العملاء.
وعن المشاكل التي تواجهها، قالت إن أكثرها التشكيك بعملها والمضايقات التي تتعرض لها، فضلا عن أن انقطاعها عن الدخول إلى المتجر لفترة بسبب انشغالها بالدراسة، جعل الكثير من متابعيها يقللون من الدخول إلى صفحتها، لتوقفها عن التسويق لمنتجاتها خلال هذه المدة.
وركزت على أن أهم ما يميز البيع عن طريق "إنستجرام" هو عدم حاجته إلى رأسمال للبدء فيه، فيكفي أن تمتلك إنترنت وحساب "إنستجرام" وكاميرا لتصوير المنتجات، ولا تحتاج إلى دفع إيجار أو تحمل تكاليف الترخيص كحال المحال العادية، إلا أن التسويق بالإنستجرام فيه بعض الصعوبة، كون الكثيرين لا يحبذون الشراء من خلاله لعدم ثقتهم الكاملة بما يعرض عليه من منتجات.
من جانبها، تقول ريما الأحمد صاحبة متجر للطباعة على الأشياء المختلفة على "إنستجرام" إنها صعوبة الحصول على الوظيفة المناسبة، دفعها للجوء للتسويق من خلال "إنستجرام"، مبينة أنها حققت من الأرباح ما يفوق راتب الكثير من العاملات بالمحال النسائية، بل وتميزت عنهن بأنه لا يوجد لديها دوام أو التزام.
وأضافت بأنه خلال عام واحد، حققت أرباحا تفوق ما دفعته لشراء الطابعات والأجهزة والتسويق بالمعارض لمتجرها الإلكتروني، مؤكدة أنها بعد اعتيادها على العمل من خلال "إنستجرام"، وزواجها وإنجابها، أصبحت تفضل الاستمرار في هذا العمل على الالتحاق بوظيفة في القطاع الخاص.
وأشارت إلى أن العمل بالبيع بالإنستجرام يتسم بالمنافسة لأنه في كل يوم يتم افتتاح متجر جديد، وتزداد المنافسة وهو ما يعتمد على ذكائك بالمنافسة وقدراتك على اكتساب العميل والحفاظ عليه وصنع اسم خاص بك يجعلهم يفضلونك على الغير، ولكنه يظل أسهل طريقة لإدخال مردود مالي دون تحمل نفقات أو أعباء استخراج تراخيص وإجراءات حكومية، مبينة أن المشكلة هي أن الثقة فيه أقل من غيره وهو ما تأمل أن يتغير بعد نظام التجارة الإلكترونية الجديد الذي سيزيد الثقة بالتعامل معهن، وسيمنع المتلاعبين من ممارسة التجارة عبر مواقع التواصل.
وحول مسودة نظام وزارة التجارة والصناعة لنظام التجارة الإلكترونية، فإنها تتضمن مواد تعطي الوزارة الحق بحجب أي متجر إلكتروني مخالف مع بيان سبب المخالفة؛ وذلك بالتنسيق مع هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات، وقد لاقت المسودة ترحيبا من المتعاملين في البيع والشراء الإلكتروني، لضمان الالتزام بتسليم البضائع.
وتلزم المسودة التاجر الإلكتروني بتعيين مقر عمل له، إلى جانب الالتزام بإيضاح اسمه أو اسمه التجاري ووسائل الاتصال به، وبيان اسم السجل المقيد به ورقمه، بالإضافة إلى عديد من الاشتراطات الأخرى لضمان عدم إخلال أي من الطرفين (البائع والمشتري) بما اتفق عليه حول منتج معين.
وحددت المسودة عقوبة مخالفي النظام تبدأ بالإنذار وغرامة مالية لا تزيد على مليون ريال وشطب السجل التجاري ويجوز مضاعفة العقوبة في حال تكرار المخالفة، ونشر حكم عقوبة الغرامة والشطب في واحدة أو أكثر من الصحف المحلية.
من جانبه، يقول مازن الضراب، ريادي ومتخصص في التجارة الإلكترونية، إن الوصول إلى إحصائيات عن عدد عمليات البيع والشراء عبر "إنستجرام" صعب، لأن الموقع لا يوفر معلومات عنها، كما أن عمليات الشراء عادة ما تتم عبر منصة أخرى كـ "الواتسأب" أو موقع إلكتروني خاص.
ونصح الضراب المتعاملين مع أصحاب المتاجر بعدم دفع أي أموال إلا بعد تسلم البضاعة لضمان الجودة والمصداقية، قائلا إن على أفراد المجتمع التبليغ عن الحسابات المزورة والمقلدة والمغشوشة ليتم حجبها من قبل وزارة التجارة.