تتصدر النساء قائمة أسرع عملاء عالم السيارات نموا. ولكن القيام بالتنقل وسط عمليات تسويق سيارات الكوبيه المكشوفة الفاخرة والسيارات السوبر عالية الأوكتين في المعرض الدولي للسيارات لعام 2015 في مدينة ديترويت الأميركية الذي يقام هذا الأسبوع، يجعلنا نكتشف أن النساء يتم حصرهن في الغالب، بدلا من قيادة السيارة، في العمل كعارضات أزياء يرتدين أحذية ذات كعب عال أو في الركوب بجوار السائق.
حتى مع وصول النساء إلى أعلى المناصب في أكبرى شركات صناعة السيارات في البلاد ومساعدتهن في تسجيل مبيعات قياسية جديدة للسيارات والشاحنات، ما زال عالم السيارات يكافح لإيجاد تمثيل آخر غير الرجال في قيادة السيارات.
من جانبه، قال مارك بلاند، نائب رئيس مؤسسة «آي إتش إس أوتوموتيف» الاستشارية في مجال أبحاث صناعة السيارات، إنه «وضع ثوري إلى حد ما. إن الصناعة تشهد نساء لا يركبن من الأبواب الجانبية لهذه الشاحنات فقط. إنهن يقمن بشرائها وقيادتها واستخدامها. لقد أدركت الشركات المصنعة أنه حان وقت تغيير بعض الصور النمطية.. ولكن التغيير يستغرق وقتا طويلا كما هو الحال دائما».
اشترت النساء ما تصل نسبته إلى نحو 40 في المائة من إجمالي أكثر من 16 مليون سيارة وشاحنة جرى بيعها في البلاد العام الماضي، لترتفع النسبة من 36 في المائة المسجلة منذ 5 سنوات، حسب بيانات شركة «جي دي باور» الأميركية. بعد استشهاده بدراسة تفيد بأن النساء ينفقن 300 مليار دولار سنويا على المركبات وصيانتها، أطلق تحالف مصنعي السيارات، وهى مجموعة تضم كبرى شركات السيارات، على النساء لقب «محرك اقتصاد السيارات».
ولكن تأثير الرجال على السيارات ما زال قويا. فـ9 من كل 10 مندوبي مبيعات سيارات في التوكيلات هم من الرجال، وفقا للجمعية الوطنية لتجار السيارات، وتشكل النساء أقل من ثلث الحاضرين في معارض السيارات، وفقا لتحالف مصنعي السيارات.
وتقول مجموعات التركيز من النساء بشكل روتيني للقائمين على دراسات استطلاع الرأي، بأنهن يشعرن بأنه يساء فهمهن عن طريق التسويق للسيارات الحديثة الذي يعتمد على الشجاعة والرجولة. فقالت ميلودي لي، وهي مديرة استراتيجيات علامات تجارية وشهرة لدى شركة «كاديلاك»، لمجلة «آد إيج»: «تعتبر صناعة السيارات ناديا يقتصر على الرجال في كثير من النواحي».
في صناعة لا تحتل فيها النساء مناصب قيادية إلا بنسبة 3 في المائة فقط، بدأت النساء كذلك في الحصول على شهرة أكبر في أعلى مناصب شركات صناعة السيارات، يتصدرهن ماري بارا، التي أصبحت العام الماضي أول رئيسة تنفيذية لإحدى شركات تصنيع السيارات الكبرى، وأكبر شركة لصناعة السيارات في أميركا، وهي شركة «جنرال موتورز».
كما تتصدر النساء واحدة من أكبرى العلامات التجارية في الشاحنات (شركة رام، التي تولت فيها بيكي بلانشارد منصب المدير هذا الشهر)، ويشرفن على أكثر خطوط شاحنات من حيث المبيعات في أميركا الشمالية «فورد F - 150»، الذي تقوده المهندسة الرئيسية جاكي دي ماركو، التي بدأت عملها في شركة «فورد» في منصب مصممة محركات 3.8 لتر، ويعود إليهن الفضل في القيام بعمل أفضل تصاميم الشاحنات على مستوى العالم (فازت سيارة شيفروليه كولورادو، بقيادة المهندسة الرئيسية للمركبات أنيتا بيرك، بلقب شاحنة العام عن 2015 في استطلاع أجرته مجلة «موتور تريند»). وهناك أحد أفضل التصاميم تألقا في المعرض، «السوبر كار NSX» الرائعة من «أكورا»، وهي من تصميم ميشيل كريستنسن، أول مصممة للأجزاء الخارجية للسيارة بالشركة.
بعد عام من المبيعات القوية للسيارات، ركز معرض هذا العام إلى حد كبير على الأداء والرياضة والسيارات السوبر، ليبتعد عن التركيز خلال سنوات الركود على السيارات «السيدان» الصغيرة والمركبات الخضراء. ولكن قال محللون إنه «ينبغي على شركات صناعة السيارات، للحفاظ على هذا الزخم، الاهتمام بالمركبات التي تجتذب النساء بشكل أفضل، بما في ذلك السيارات الرياضية المدمجة متعددة الأغراض، التي تستحوذ حاليا على نسبة 12 في المائة من مبيعات السيارات في البلاد، وهو تقريبا حجم الحصة السوقية لشاحنات البيك - أب ذات الحجم الكامل».
على عكس الشاحنات، زاد حجم مبيعات سيارات الكروس أوفر بمعدل يقترب من 80 في المائة منذ عام 2007، وفقا لبيانات جمعها أليك جوتيريز، أحد كبار المحللين في «كيلي بلو بوك». وتظهر سجلات «آي إتش إس أوتوموتيف» أن أغلب عمليات تسجيل أعلى موديلات السيارات الرياضية متعددة الأغراض والكروس أوفر، مثل تويوتا RAV4، ونيسان روج، هي لأسماء سائقات من النساء. (في أغلب السيارات التي يهيمن عليها الرجال: فيراري فيراري إف 12 بيرلينيتا، وماكلارين MP4، سواء الفاخرة أو السوبر كار، كانت نسبة 94 في المائة من عمليات تسجيل السيارات بأسماء رجال).
ودفع هذا بعض أفضل الشركات الرئيسية في صناعة السيارات إلى توسيع دائرة تركيزها. قال الرئيس التنفيذي لشركة تيسلا، الملياردير إيلون ماسك في شهر يونيو (حزيران)، إن «شركة تصنيع السيارات التي تعمل بالكهرباء فقط ستقوم بإعطاء مزيد من الاهتمام لاحتياجات النساء في موديل الميني، فإن الرياضية Model X، ووصف السيارة السيدان الفاخرة موديل Model S، بأنها «تميل بشدة ناحية الرجال».
كما عقد المصممون بشركة «تسلا» اجتماعا مع لجنة من النساء في مقر الشركة في بالو ألتو، بكاليفورنيا، العام الماضي من أجل معرفة الجوانب التي جذبت إليها النساء أكثر في موديل Model X؛ حيث جاء أكثر من نصف طلبات الشراء حتى الآن من النساء، حسبما أفاد ماسك.
تخطت شركات صناعة السيارات الحدود إلى أنواع أخرى من أجل اجتذاب قطاع أوسع من العملاء، فكشفت شركة «جاغوار»، المشهورة بتصنيع السيارات الفاخرة، النقاب عن سيارة ذات أداء كروس أوفر أطلقت عليها اسم جاغوار إف - بيس. وذكرت شركة «بنتلي» أنها تدرس إنتاج نسخة مصغرة من سيارات رياضية متعددة الأغراض أطلقت عليها اسم بينتايغا، لاجتذاب المشتريات من النساء والمشترين الأصغر سنا. وغالبا ما ينظر إلى العميلات باعتبارهن نساء يعشن في المناطق الحضرية ولديهن قوة شرائية وحاجة للتنقل والسفر في مسافات بين الحين والآخر.
كان أحد مسؤولي شركة «نيسان» قد أشار خلال الصيف الماضي إلى أن النساء يتخذن القرار النهائي في أكثر من 60 في المائة من عمليات شراء السيارات الجديدة. ويعتبر الوصول إلى الشابات أكثر أهمية بالنسبة لشركات صناعة السيارات التي تتطلع للحصول على سائقين مدى العمر: ذكر 64 في المائة من النساء اللاتي تتراوح أعمارهن بين 22 و30 عاما أنهن اشترين سيارة أو شاحنة، مقارنة بنسبة 44 في المائة من رجال الألفية، حسب دراسة مسحية قومية أجرتها شركة «كابسترات للاتصالات» عام 2011.
وذكرت شركة «هيونداي» عند الإعلان عن موديل سانتا كروز، وهي شاحنة تعتبر مزيجا من الكروس أوفر والبيك - أب، إن أعمار الألفية، والنساء على وجه التحديد، يساعدون على قيادة الدفع باتجاه إجراء تغييرات على أحدث موديلاتها. وقال مارك ديبكو، مدير شركة «هيونداي موتور أميركا»: «نحن نطلق على الأشخاص الذين يقودون هذا التحول (مغامرو المناطق الحضرية). فهم يتمتعون بعقلية مختلفة».
أدى التوسع إلى ما هو أبعد من الجمهور التقليدي من الرجال إلى إضافة لمسات هامة، مثل خفض درجات سلم الصعود للشاحنات والسيارات الرياضية متعددة الأغراض، حسبما أفاد مدير تصميم لينكولن يوم الاثنين الماضي، وتم إعادة تصميم باب صندوق السيارة ليكون سهل الاستخدام لكل من الرجال والنساء.
بعد الانتهاء من التصاميم، جربت شركات صناعة السيارات طرقا مختلفة لاستمرار جذب عميلاتها من النساء. فعقدت شركة «بويك» شراكة مع شركة «فود نيتويرك» تقضي بعرض السيارات في مهرجانات الطعام والنبيذ. وأطلقت شركة «فورد» سحبا على جوائز مع شركة تأجير الملابس «رينت ذا راناواي».
وما زال التسويق المخصص للنساء ينطوي على خطر مخاطبة جمهور متنوع بشدة. أشار محللون إلى أن فقدان الدليل قد يجعل العلامة التجارية تقوم بتصنيف أكثر من مائة مليون سائقة في أميركا على أنهن أمهات رياضيات يفضلن سيارات الميني فان، أو ما هو أسوأ. فالجهود التي تبذلها شركات صناعة السيارات للفوز بالنساء تعكس معركتها التسويقية للحصول على السائقين الشباب، الذين قال محللون إنهم يتحدثون عندما يجري الحديث معهم، ويتراجعون نتيجة لذلك. قال نيكول يلاند المتحدث باسم «أوتو تريدر»: «لديهم مقياس قوي لقياس الأشياء التفاهة. فهم لا يفضلون التسويق إليهم، لأنه بإمكانهم رفض ذلك. فهو شعور كاذب، وهم يريدون شيئا حقيقيا وأصيلا».
الانتصار يمكن أن يثبت أن الأمر يستحق مثل هذا العناء. بدلا من أن تجعل إعلاناتها التجارية تعرض سائقين يؤيدون ركوب سياراتها ويقودون بسرعة سيارات رياضية أو يخترقون سفوح الجبال، صممت شركة «سوبارو» إعلاناتها على أشكال قلوب وجزء من قصص واقعية كجزء من حملة «الحب». في أحد الإعلانات، مثلا، يتخيل الأب ابنته كطفلة جالسة في مقعد قيادة السيارة.
قال محللون إنها قصص تحرك مشاعر الجنسين، ونجحت بالفعل في ذلك. خلال السنوات الخمس من بدء الإعلانات، في عام 2008، زادت المبيعات في الولايات المتحدة بنسبة الضعف. وشهدت شركة «سوبارو» 6 سنوات متتالية من المبيعات القياسية، وزادت العام الماضي حصتها في السوق الأميركي إلى ما يقرب من 4 في المائة، وهو مستوى قياسي.
حتى إمبراطورية الشاحنات الأميركية، التي ظلت لفترة طويلة تعرض إعلاناتها بفحولة رعاة البقر أو الأرصفة، اتسعت لتتوجه إلى شريحة خارج شريحة الرجال، الذين اشتروا 85 في المائة من الشاحنات التي تم بيعها على مستوى البلاد خلال الـ9 أشهر الأولى من عام 2014، حسب بيانات «آي إتش إس أوتوموتيف».
في شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، أعلنت شركة «دودج رام» أن نجمة موسيقى الريف ميراندا لامبرت، التي أطلقت عليها اسم «سيدة الشاحنات في كل مكان» ستكون المتحدثة الرسمية باسم العلامة التجارية الجديدة، الدودج الرام 1500 لارامي التي تتميز بزخارف براقة في المقاعد الجلدية.
يشهد عالم الشاحنات جمهورا متزايدا بين النساء، بشكل يتجاوز العملاء التقليديين: مشترون يتجاوزون السيارة الميني فان التقليدية أو السيارات الرياضية متعددة الأغراض للحصول على شاحنة ذات كابينة مخصصة لطاقم ولها 4 أبواب مع مقاعد خلفية فسيحة. كانت أغلب سيارات رام التي بيعت العام الماضي شاحنات بكابينة لها 4 أبواب، ذات ديكور داخلي ومرافق سلسة تناسب بشكل أفضل طريق الضواحي أكثر من مواقع البناء.
وقال محللون إن «آخر شيء يرغب فيه كثير من النساء، هو الاستهانة بهن في معرض السيارات في الإعلانات الوطنية». وقال ميشيل كريبس، كبير محللي «أوتو تريدي»: «لم ينجح التسويق الموجه للنساء فقط أبدا. لقد شاهدنا إعلانات بسيارات وردية ومظلات وأصحاب أموال قليلة. لا أحبذ أبدا أن يتم تخصيصي. أعطني فقط دعاية جيدة بالفعل، وسيارات جيدة بالفعل».