تبدأ وزارة العمل السعودية في العشرين من فبراير الجاري، في تطبيق مشروع (العمل من المنزل)، حيث يعتبر أضخم مشروع تاريخي تقره المملكة العربية السعودية، في سعيها لزيادة فرص ومجالات عمل المرأة في منشآت القطاع الخاص، وكأحد الحلول المجدية للحدّ من بطالة السعوديات ومعالجة أهم التحديات والمعوقات التي تعوق انخراطهم في التنمية الاقتصادية.
المشروع الذي استغرق صياغة جوانبه التشريعية والتنظيمية أكثر من عام، يتيح احتساب "الموظفات من المنزل" في نسب السعودة وضمن برنامج "نطاقات"، حيث ستتمكن جميع المنشآت سواء الكبيرة والصغيرة من توظيف السعوديات بنسب متفاوتة تبدأ من 20% إلى 10% من مجموع الموظفين، فيما تصل النسبة إلى 100% في المنشات ذات الأنشطة المناسبة طبيعتها للعمل عن بعد.
ورغم أن قرار العمل من المنزل سيقتصر تطبيقه مبدئيا على القطاع الخاص دون الحكومي بسبب اختلاف آليات التوظيف بين القطاعين، إلا أن وزارة الخدمة المدنية وهي الوزارة المخولة بالتوظيف الحكومي، بدأت في بحث تطبيق أسلوب العمل في الوظائف الحكومية التي يمكن مزاولتها عن بعد، على أن تقتصر الأولوية فيها للنساء وذوي الاحتياجات الخاصة.
ثقافة العمل من المنزل
الخبير في شؤون التنمية البشرية، محمود حسين الشهري، أكد أن قوانين العمل من المنزل "بكامل الأجر" موجودة منذ الثمانينيات في أوروبا، وهي وضعت في الأساس لمساندة المرأة العاملة، ثم سمح بعد ذلك باستفادة الجنسين منها، مشيرا في حديثه لـ"ايلاف" إلى أن هذا البند القانوني يستمد شرعيته من التحول إلى تقييم الإنجاز في العمل بمعيار الوقت الذي يقضيه الموظف في مقر العمل إلى معيار الإنتاجية.
وقال الشهري إن تجربة العمل من المنزل مطبقة بالفعل في السعودية وإن كانت في حدود ضيقة، كما أن العمل بالإنتاجية أو بالقطعة معروف لدى أغلب لجهات، إلا أنها المرة الأولى في السعودية التي يتم اعتمادها بشكل رسمي وبأجر كامل، وهذا مشروع تاريخي سيعزز آمال الكثير من الفتيات للانخراط في سوق العمل، فبحسب إحصائيات تقريبية هناك لا يقل 100 ألف وظيفة تنتظر السعوديات للعمل بهذا النظام.
وأكد الشهري إن المرأة العاملة في السعودية تواجه تحديات أكبر من مجرد ارتفاع تكلفة المواصلات أو عدم السماح لهن بقيادة السيارة، وأرجع ذلك إلى الظروف الأسرية ورعاية الأطفال، فضلا عن البيئة المناسبة لعمل المرأة وخصوصيتها، لذا فأن إستراتيجية العمل من المنزل تهدف إلى تحقيق انسجام تام بين عمل المرأة وظروفها المختلفة ، ليكون عملها نموذجا متكاملا وفق أفضل الممارسات العالمية.
وكشفت دراسة أجراها مركز السيدة خديجة بنت خويلد بجدة، عن إن 82% من السعوديات يفضلن العمل من المنزل، معتبرين إن فكرة العمل من المنزل ستشكل إضافة فيما يختص بمشاركة المرأة في التنمية الوطنية، كما بينت الدراسة إن (32%) من النساء يفضلن العمل من المنزل بالمقارنة بين فئات العمر المختلفة، حيث إن النساء بين عمر 25-44 سنة يفضلن العمل عن بعد لكثرة مسؤولياتهن في هذه المرحلة العمرية.
تفاصيل المشروع الجديد
وفيما يتعلق بتفاصيل النظام الجديد، فقد أوضح انه ينحصر فقط على السعوديات وبعض الفئات الأخرى التي تناسبهم آلية العمل كالأشخاص ذوي الإعاقة أو ذوي الأمراض المزمنة، فيما يشترط النظام لاحتساب العاملة في نسبة السعودة أن ألا يقل عمر الموظفة عن 18 عاماً ولا يزيد على 50 عاماً، وأن تعمل بدوام كامل وأن تكون مسجلة في التأمينات الاجتماعية، وأن يقدم صاحب العمل شهادة تثبت استلام أجرها الشهري.
ولا يشترط النظام الحصول على تصريح مسبق للتوظيف، ومن الاشتراطات ألا يزيد عدد العاملين من المنزل في المنشآت في النطاق الممتاز على 30% من إجمالي العاملين السعوديين، وفي الأخضر لا تزيد على 20% أما النطاقان الأصفر والأحمر لا تزيد على 10%، مع استثناء المنشآت ذات الأنشطة المناسبة طبيعتها للعمل عن بعد حيث تصل نسبتها إلي 100% بمعنى احتساب جميع العاملات عن بعد.
كما هدد النظام بإجراءات صارمة لكل من يستخدم النظام كأداة للتوطين الوهمي سواء أكان صاحب العمل أو الموظفة، حيث وضعت وزارة العمل آليات وإجراءات للتأكد من أن هناك عملا تمارسه الموظفة، وذلك من خلال حساب التعاملات ما بين المنشأة والموظفة لضمان وجود عملية تواصل وعمل حقيقي، فيما تتفاوت عقوبات التوظيف الوهمي ما بين الغرامة المالية على المنشأة وحرمان الموظفة من الدعم لمدة لا تقل عن 3 سنوات.
يذكر أن وزارة العمل السعودية ومصلحة الإحصاءات العام، أصدروا بيانا في الخامس عشر من فبراير الجاري ذكروا فيه إن نسبة البطالة بين السعوديين بلغت في 2014 ما نسبته 11.7%، وذالك بزيادة عن العام الذي سبقه حيث كانت النسبة 11.5%، وأوضح البيان المشترك إن مؤشر عدد السعوديين العاطلين والعاطلات عن العمل في السعودية استقر عند الـ651 ألف عاطل، منهم 258 ألف رجل، و392 ألف امرأة.