عندما أسمع أو اقرأ شكوى لأي إنسان من ظروف الحياة وضغوطها المستمرة أو من مرض مزمن، تنتابني مشاعر من التعاطف، لكنني عندما أشاهد أن هذه الشكوى تحولت لعادة مستمرة في النحيب والكتابة عن الكآبة والألم النفسي على مواقع التواصل الاجتماعي، مثل تويتر أو الفيسبوك أو الإنستغرام، هنا تكون الحالة النفسية بلغت مبلغاً كبيراً، لأن الشخص الذي يتمتع بصحة نفسية قويمة لا يمكن أن يكتب في حسابه الذي يتابعه المئات كلمات سوداوية أو يحاول جلب تعاطف الناس معه، والشكوى لهم.
والمشكلة أن ردة الفعل تجاهه لا تكون علمية أو من واقع طبي، حيث تقرأ الكثير من الردود التي تحمل وصفات علاجية لا يعرف مصدرها أو من أين جاءت، مثل استخدام الأعشاب أو العطور أو مزج مواد كيميائية ببعض، ويختم بقوله، هذه الوصفة مجربة، جربها ولن تندم، ولا يعلم هذا الشاكي الباكي على مواقع التواصل الاجتماعي، أنه قد يتسبب لنفسه بتسمم خطر أو فشل كبدي أو كلوي، نتيجة لمثل هذه الوصفات غير الطبية ..
المرض النفسي واقع في حياتنا، ولم يعد هناك من ينكره أو يستطيع أن يتجاهله، لكن العلاج في كثير من الأحيان بأيدينا نحن، ابتعد عن المنغصات وما يؤلمك، اذهب لطبيب متخصص، حاول الحصول على استشارة طبية، الكثير من الحلول العلمية بين أيدينا، لكننا نتعمد تجاهلها.
في أحيان تشاهد من يدعي المرض، من يدعي أنه مكتئب أو يعاني رهاباً أو غيرها من الأمراض النفسية، لأنه يحب أن يشاهد تعاطف الآخرين معه، لأنه يعتبر ضعفه قوة، هؤلاء يعتبرون مرضى أيضاً ..
لقد آلمتني رؤية فتاة على درجة علمية وقد نشرت في حسابها على أحد مواقع التواصل الاجتماعي الكثير من الكلمات للحديث عن كآبتها، بل ونشر الأدوية التي تتعاطاها، من دون مبرر، لقد شاهدتها في أكثر لحظات ضعفها، لكنني متأكدة وأدرك تماماً أنها أقوى من هذه الممارسة ومحاولة استجداء الآخرين للتعاطف معها. فمن الذي أقنعها بأن مواقع التواصل الاجتماعي يمكن أن نكتب فيها ونظهر أنفسنا وكأننا مجانين، فهي تصف نفسها بأن لديها حالة انفصام من الواقع، وتقول إنها تتخيل كل واحد ممن يقابلها اثنين، وغيرها من الكلمات، فهل في هذا علاج لها؟
لا أعلم قد تختلفون معي، المستشفيات والأطباء في كل أرجاء العالم تتم محاكمتهم إذا نشروا أي معلومة عن مريض من مرضاهم، فكيف نفهم سلوك تلك الفتاة، إلا إذا كانت ترى هذا نوعاً من «البرستيج»؟