الارشيف / عالم المرأة / أخبار المرأة

خديجة السلامي سينمائية تطلق صوت المرأة ودموع سبأ

  • 1/2
  • 2/2

عواد علي - " وكالة أخبار المرأة "

المرأة اليمنية الوحيدة التي تعمل في الإخراج السينمائي، ولا ينافسها في هذا الفن باليمن سوى ثلاثة مخرجين رجال هم: بدر بن حرصي وحميد عقبي والراحل جعفر بهري.
بدأت المخرجة اليمنية خديجة السلامي العمل الإعلامي من خلال التلفزيون في سن مبكرة، وبعد نيلها الشهادة الثانوية سافرت إلى أميركا للدارسة والحصول على الماجستير، ثم عادت إلى اليمن لتعمل في مجال الإخراج التلفزيوني، وقد منحتها تجربتها هذه خبرة مهنية أهلتها لمنصب الملحقة الإعلامية في سفارة اليمن بباريس، واستطاعت من خلال عملها في السلك الدبلوماسي أن تنظم عددا من المعارض الثقافية التي تعكس صورا مختلفة من التراث الشعبي اليمني، إضافة إلى معارض فوتوغرافية وتشكيلية، وتقدم محاضرات عن اليمن وحضارتها والاكتشافات الأثرية الجديدة، وتعرض الأفلام السياحية والوثائقية في باريس ومدن فرنسية أخرى.
كما لعبت دورا مهما في تشجيع القنوات التلفزيونية الفرنسية والفرق الإعلامية على الذهاب إلى اليمن، لتصوير أفلام وبرامج عن حياة اليمنيين وثقافتهم وحضارتهم.
طمحت السلامي إلى دراسة السينما دراسة أكاديمية والتخصص فيها، لكن الوقت لم يسعفها في تحقيق طموحها، فاشترت كاميرا وبدأت تصوّر الأفلام الوثائقية السياحية في مناطق مختلفة من اليمن، وشيئا فشيئا وجدت نفسها مهتمة بقضايا المرأة اليمنية وما تعانيه من مصاعب وتحديات.
جوائز عالمية
أنتجت السلامي أول أفلامها الوثائقية حول قضايا المرأة بعنوان “نساء اليمن” عام 1990، ثم واصلت تجربتها بهدوء متمرّد يطوّع صلابة القيود المحيطة، ويصهر التحديات والعراقيل التي تثبط الطموح، حتى أصبح رصيدها من الأفلام أكثر من 20 فيلما، نذكر منها “اليمن ألف وجه ووجه”، “سقطرى: الجزيرة الذهبية”، “أمينة سجينة”، “النساء والديمقراطية في اليمن”، و”الغريبة في مدينتها”. وقد عرضت الأفلام الثلاثة الأخيرة في مهرجانات سينمائية دولية عديدة، وحصل فيلمها “الغريبة في مدينتها” على جائزتين في مهرجان تولوز الدولي للأفلام الوثائقية في فرنسا هما: جائزة لجنة التحكيم، وجائزة الجمهور، كما فاز فيلمها “أمينة سجينة” بالجائزة الأولى في مهرجان بيروت، وبإحدى جوائز مهرجان فنون، والجائزة الفضية في مهرجان دبي، وجرى اختياره من بين أفضل الأفلام الوثائقية الدولية في مهرجان تونس للأفلام الوثائقية.
كما حازت السلامي عام 2007 على وسام جوقة الشرف الفرنسي، وهو أعلى وسام فرنسي بموجب قرار صدر من الرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك تقديرا لأعمالها السينمائية التي ناقشت قضايا إنسانية، ولمسيرتها الفنية الحافلة بالعطاء.
ودعتها جوي جوردي نائبة حاكم جزيرة “نيو كاليدونيا” الواقعة في المحيط الهندي إلى الشرق من أستراليا لتحل ضيفة عليها، على مدى خمسة أيام، ألقت خلالها عددا من المحاضرات، وعرضت مجموعة من الأفلام الوثائقية، وأجرت بعض المقابلات التلفزيونية والإذاعية والصحفية.
وقد حظيت السلامي باحتفال رسمي وشعبي كبير، وقُدمت لها أثناءه باقات الورد، وطوّق عنقها بعقود من اللؤلؤ، واستعرضت أمامها الرقصات الشعبية، ليس لأنها مخرجة معروفة ومشهورة فحسب، بل لأنها أيضا أول شخص من اليمن تطأ قدماه أرض هذه الجزيرة المغمورة التي لا تزال تحت السيادة الفرنسية.
يدور فيلم “أمينة سجينة” حول امرأتين يمنيتين: الأولى هي أمة العليم السوسوة، كنموذج للمرأة اليمنية التي حصلت على دعم من أسرتها لمواصلة تعليمها، فأصبحت امرأة غير عادية، ووصلت إلى مراكز ومناصب عالية، والمرأة الثانية هي سجينة شابة اسمها أمينة، حرمها أهلها من التعليم وزوجوها في سن صغير، وبسبب نزاع على الأرض بين زوجها وأقاربه جرى قتله وألقيت التهمة عليها، فقضت تسع سنوات في السجن، وحكم عليها بالإعدام، وفقدت طفلتها في حادث سيارة. وحين ثبت أنها كانت قاصرا وقت الجريمة ألغي حكم الإعدام.
تقول خديجة السلامي عن شخصية أمينة إنها تمثل شريحة واسعة من النساء اليمنيات اللواتي وقعن ضحية لظلم المجتمع، الذي صادر حقهن في التعليم، وأرغمهن على الزواج المبكر، وحوّل حياتهن إلى جحيم. وتضيف أنها، أي السلامي، تشعر بالإذلال الذي يمكن أن تحسّ به الفتاة التي تتزوّج مبكرا، لأنها مرّت بنفس التجربة، وتعرف مدى القسوة التي يمكن أن تقع على الفتاة في طفولتها، والشعور الذي ينتابها. ولذلك فهي، كمخرجة وامرأة، تتمنى ألاّ تتكرر مثل هذه التجارب السيئة، وتسعى إلى إعطاء فرصة لأمثال أمينة أن يُسمعن أصواتهن للآخرين، ويعبّرن عمّا في أنفسهن، لأن هناك الكثير من الأصوات التي لا تُسمع، ويمكن من خلال هذه الأفلام أن يصل صداها إلى العدالة والضمير الإنساني.
رسائل مشفرة
يلقي فيلم “النساء والديمقراطية” نظرة واقعية، لا تخلو من المرح، على نضال المرأة اليمنية لتحقيق حضورها السياسي الفاعل اليوم. ويرى بعض الذين كتبوا عن الفيلم أنها نظرة ثاقبة وواعية لمستقبل المرأة في بلدها ومحاولتها انتزاع اعتراف الرجل بها، فكاميرا المخرجة تتتبع خطى الشابة اليمنية محبوبة التي قررت ترشيح نفسها للانتخابات التشريعية في اليمن عام 2003، في منطقة جبلية نائية قبلية وفقيرة، أكثر من نصف سكانها أميون.
وتنتقل الكاميرا إلى ساحة قرية جبلية، حيث يتجمع الأهالي لمناصرة مرشحتهم التي نجحت بخطبها وكلامها في استثارة مشاعر الناس البسطاء، فيعلنون تأييدهم لها بدلا من زعماء القبائل التقليديين الذين ما عادوا يتمتعون بالمصداقية، وخيّب ممثلوهم السابقون أمل القرويين. لكن المرشحة محبوبة تفشل في الانتخابات، رغم تمتعها بكل الخصائص التي تؤهلها للفوز بمقعد نيابي. ومرة أخرى يخيب أمل الناخبين، فيعزون سبب خسارتها إلى التزوير في نتائج الانتخابات.
ويكشف الفيلم عن الكثير من المشاهد الإنسانية واللحظات الجميلة التي تؤكد أن المواطن البسيط البعيد عن المدينة، أيا كان مستواه التعليمي أو الثقافي، يريد أن ينتخب من يمثّل صوت الحق والضمير والعدالة بغض النظر عن كونه رجلا أو امرأة.
وحين تنتقل الكاميرا إلى المدينة نجد أن نسبة المرشحات إلى الانتخابات التشريعية قد تراجعت، لأن بعض ملفات النساء المرشحات لم تصل إلى المراكز الرسمية المخصصة لها، أو لأن لجان الانتخابات أهملتها.
وينكشف ذلك من خلال إجراء المخرجة مقابلات مع صديقاتها الناشطات في المجال السياسي بصنعاء، اللواتي يعبرن بمرارة عن خيبة أملهن، ورفضهن لهذه الممارسات التي تسود الساحة السياسية في ما يخص المرأة باليمن، وفيما يبرز الفيلم صور المرأة الريفية العفوية الصادقة، والمتعلمة المثقفة التي شغلت أعلى المواقع وامتلكت التجربة السياسية، فإنه يفضح سلوك قادة رجال، في حزب المؤتمر الوطني، الذين يقولون شيئا ويفعلون نقيضه.
يروي فيلم “الغريبة في مدينتها”، الذي صورته وأنتجته السلامي بنفسها، حياة صبية يمنية من صنعاء القديمة عمرها 13 عاما، يضغط عليها أهلها ويمنعونها من اللعب مع الأولاد لكونها أنثى. وكان من طبع هذه الصبية رفض كل التصرفات السلبية التي تحدّ من لهوها مع أقرانها الأطفال. ويتتبع الفيلم بعدسته تحركاتها وسلوكها العفوي غير المعني بالتابوهات التي يفرضها المجتمع، واضعا المشاهد أمام صورة من التحدّي الفريد الذي تتمسك به، وتنتقد أفكار المتزمتين الذين يواجهونها، ويفرضون عليها ارتداء الحجاب، مدافعة عن حقوقها الطبيعية في اللعب والتعليم.
وتتحدّث المخرجة عن هذه الصبية قائلة إنها تذكرها بنفسها عندما كانت في عمرها، وقد لفتت انتباهها وهي تمرّ صدفة بالشارع الذي يقع فيه بيت أهلها، وكانت لحسن الحظ تحمل كاميراها معها فأخذت تصورها، مقارنة سلوكها وحركاتها بما كانت تتميز به هي عندما كانت في سنها.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى