الهموم الحياتية التي نعيشها في بعض الأوقات ماثلة ولا يوجد من هو مستثنى منها، وعندما ندرك هذه الحقيقة فإننا نجلب لأنفسنا الراحة والأمان، فشعورك أن هناك من يشاركك الهم والانشغال وأيضاً الآمال بغد أفضل مشرق هو شعور جميل يبعث على الاطمئنان.. إذا ما وضعنا هذه القاعدة نصب أعيننا، وأننا لسنا وحدنا نعمل ونخرج من منزلنا صباحاً ونعود قبل الغروب وقد أنهكت قوانا، وخلال عملنا قد نسمع كلمات قاسية من رئيسنا أو يحدث احتكاك بيننا وبين زميلنا يعكر صفو اليوم ويزيد من وجعه وألمه،
و إذا أدركنا أننا لسنا الوحيدين وأن هناك الملايين ممن يشاركوننا مثل هذا الهم والحدث، فإن الوقع يكون أخف على النفس. أستدعي هذه الكلمات لأن بين يدي رسالة وصلتني قبل عدة أيام تلقيتها من إحدى الفتيات، ملخصها الشكوى من مثل هذه الهموم الحياتية، فهي تشكو ضغوطاً تعيشها في منزل أسرتها، وتشكو وظيفتها الصباحية لأنها مزحومة بالعمل، وهي أيضاً تشكو نظرة الشك والريبة التي تلاحظها في عيون الآخرين وخصوصاً الأقارب بسبب كونها مطلقة، وفي نهاية رسالتها تسأل هل من سبيل أو طريقة للتخلص من مثل هذا الوجع اليومي؟..
ولهذه القارئة العزيزة، أولاً شكراً لحسن ظنك بي، وأيضاً شكراً لأنك تشاركينني وتشاركين قرائي مثل هذا الهم، وأريد التوضيح لك أن المشكلة في المقام الأول تأتي منك أنت فأنت التي سمحتِ باستقبال السلبيات ودفعها لتتلبسك فتوثر على نفسيتك ويومك، ولو أمعنت التفكير لوجدت أن جميع ما ذكرتِ من ضغوط ومشاكل عبارة عن أحاسيس ومشاعر لا أكثر، بمعنى أنها ليست قصصاً واقعية مؤلمة، بل هي ببساطة حساسيتك المفرطة في النظر للأمور، ووظيفتك من الطبيعي أن يكون فيها ضغوط وعمل كثير، فهذا هو العمل، والاستثناء أن نذهب لمقار أعمالنا ونجلس إلى المكتب دون أي مهمة، أما أسرتك فرغم طول رسالتك لم تذكري موقفاً واحداً أو واقعة واحدة محسوسة.
وكما أسلفت فجميع ما تذكرينه هو مجرد مشاعر، أمك غاضبة، والدك متوتر، والدليل على هذا الجانب المفرط في حساسيتك قولك إن الناس ينظرون إليك نظرة شك وريبة بسبب طلاقك من زوجك، فكيف حكمتِ على هذه النظرة؟ هل هناك من جاء وقال لك إنه يشك فيك؟ لا أعتقد.. والذي أقصده أن تتخلصي من حساسيتك المفرطة وتنظري للأمور بإيجابية وحينها ستجدين أن الأمور تتغير للأفضل.