انه آذار ، شهر متقلب الهوى كقلب غجريه ، شهر يتجاذبه الشتاء والربيع تجاذبا يبقينا متلهفين لحلاوة مفاجآته .
آذار تقدمة لحلول الربيع ،، ضياءُ بلا شمس ساطعه ، ونسائم لا برد فيها ، منعشة مثل قبلة طفل .
ينتظر الواحد منا بلهفة موعد فنجان القهوه الصباحي على الشرفة ،، لا يقطع عذوبة الصمت سوى اغنية طائر يتنقل من غصن الى غصن حيث يشاء رغدا .
لآذار واخيه نيسان صور لا تمحى في ذاكرتي ، عندما امشي بين اشجار السرو والبلوط واسرح بناظري في المراعي الخضراء التي تحاول جاهدة صد هجمات الاسمنت والحجارة والحديد على بساطها الاخضر .
في هذا الموسم ، يتحول الناس الى فراش مبثوث بين الخضره والشجر وجداول الماء والينابيع . ازور القرى الملاصقة لوادي السير فتأسرني الخضرة المبثوثة على جانبي الطريق وتلك الرائحة الخرافية المنبعثة من الاعشاب المبللة بالندى .
اهبط الى وادي شعيب اراقب المتنزهين مع اطفالهم يسرحون ويمرحون قرب السد فتأخذني الحالة الى لحظة بعيدة لا اذكر متى واين عشتها ، والى ضحكات لم اعد اتذكر من أي زمن التقطتها ، انظر الى جبال شامخة مثقلة بالخضرة فاستشعر رهبة المكان وخاصة عندما اقرأ تلك اليافظة المكتوب عليها ( مقام نبي الله شعيب) ، اتراه كان هو النبي المذكور في القران الذي احتضن موسى عليه السلام عقب فراره من فرعون وزوجه ابنته واقام موسى عنده سنوات يرعى اغنامه ،، اذن انا اسير الان في دروب ومسالك طالما وطئها الانبياء والصالحون ،، وادي شعيب وتلك القنطرة الخشبية على نبع الماء، والصورة التي التقطتها لي احدى الصديقات وانا في اوائل العشرينات من عمري ،، اصبحت اليوم في خريف العمر وما زالت تلك القنطرة فتية على حالها منذ عشرات السنين .
الاغوار سلة الغذاء الكريمة وحاضنة مقامات الصحابة الكرام ،، مادبا العتيقة وجبل نيبو اذا صعدت عليه يمكنك ان تلقي التحية الصباحيه على القدس الشريف . جرش وعجلون وكل البقاع الجميله المتناثرة في بلادي ها هو الربيع قادم اليها ،، تتمطى الارض تتثاءب وتنهض من غفوتها الشتائية لتمارس امومتها وتفيض خصبا لابنائها ، فهل نبادلها حبا بحب .. وعطاءا بعطاء ..