الارشيف / عالم المرأة / أخبار المرأة

النـــســـــــاء الــروســــيــات

  • 1/2
  • 2/2

توافق الأردنيون منذ هبوب العاصفة القطبية التي ما زلنا نعيش تبعاتها ، على أن لهذه العاصفة العاتية اسم ونسب ، فصارت ( اليكسا ) على كل شفة ولسان ، وأشاع البعض أن شقيقة اليكسا واسمها نتاشا قادمة في الأسبوع المقبل ،  وعندما تم انتخاب حسناء روسية ملكة جمال القارات ، كتب البعض تعليقات تؤكد بأن علينا ألا نغتر بجمال الروسية ، لأنها  قريبة اليكسا ونتاشا  ..!  وهذا  يؤكد على فداحة  ما تركته العاصفة بيننا ،  ومخاوفنا من الآتي .
لماذا لم نتذكر النساء الروسيات الرائعات اللواتي يقدن القطارات ويجرفن الثلوج  تماما كالرجال ..؟    صحيح أن بنية المرأة الروسية  تتناسب مع البيئة القاسية ،  وصحيح أنها تأقلمت مع هذا العالم الجليدي القاسي وتحدته أيضا ، في حين أننا أهل الشمس والاعتدال  ، والمرأة الأردنية لم تعتد كل هذه القسوة والحدة في مناخ بلادها ، لكن  الاختباء وراء زجاج النوافذ  لا يزيح  أكوام الثلوج ، ولا يفتح الممرات  ..!  عندما أغلقت العاصفة شوارعنا وحجزتنا عن العالم الخارجي ، وقفنا ننتظر جرافات ( الأمانة ) وانتظرنا الفرج  أياما ، وللحق فإن الأكوام الناصعة فاقت كل تصوراتنا .. كنا بانتظار  الدور ليقوم  الشباب من الوافدين لفتح الممرات في مداخل البيوت  ، وكان الحي كله  يعيش حالة الانتظار ، وعندما تجرأنا وقمنا بالمبادرة وحملنا المجارف ،  قابلتنا الوجوه الواقفة  بترف أمام النوافذ باستغراب ، فكيف تقوم النساء بمثل هذا العمل الشاق ..؟ وعندما سرت الدماء الحارة في أطرافنا ، وازداد حماسنا للعمل ، ازداد عدد المجارف التي تحملها أيدي النساء ، وبقيت الوجوه المترفة التي اعتادت على التفرج واستخدام العمالة الوافدة  تتطلع من خلف النوافذ بانتظار فرج “ الأمانة “ أو “ شباب الوافدين “  ، والنتيجة أن المجارف التي تحملها أيدي النساء الأردنيات أنجزت العمل ، تماما مثل النساء الروسيات  ..!
في أدبيات هذا الوطن تحمل ذاكرة الجدات صورة ناصعة لعمل المرأة الأردنية (الفلاحة والبدوية والمدنية )  تحت كل الظروف ، صيفا وشتاء وربيعا ، فهي تزرع وتحصد وتحلب المواشي وتصنع المنتجات الغذائية ، وتغزل الصوف ، وتصنع الأواني الفخارية والطابون ، وتجفف الخضروات وتحفظها ، وتصنع المربيات ، إنها  امرأة كل الفصول ، وهي بالمناسبة المرأة التي تطين البيوت في عمل جماعي يعرف “ بالعونة “ ، وهي بذلك تفوق كل نساء العالم بتعدد اهتماماتها وإبداعها ، فكيف تشكل جيل لاحق كسول يعتمد على العاملات الآسيويات ، ويقف في صف المتفرجين ..؟  كشفتنا العاصفة ، كشفت التغيير المؤسف الذي حول النساء الرائعات المنتجات في كل الفصول ، إلى نساء يعتمدن على العاملات ، ويفتقدن المهارات الجميلة  ..؟  ومع أننا نعترف بأن أكفنا التي  جرفت الثلج احمرت وتسلخت ، لكننا لن ننسى طعم أكواب  الشاي الحارة بعد الاستراحة ،  ونقولها  بشجاعة ، فلتأت نتاشا ، ما دامت بأيدينا المجارف  وما دمنا نملك عزيمة جداتنا الأردنيات النشميات .. فلتأت نتاشا ..!

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى