ترى الروائية والصحفية الأردنية سميحة خريس أن للمرأة العربية طاقات إبداعية لا حصر لها إلا أن إنتاجها الابداعي "خجول" مقارنة بالإنتاج الابداعي للرجل وهو قد يرجع من وجهة نظرها لجذور تاريخية وفكرية.
وقالت خريس (58 عاما) في مقابلة بالقاهرة حيث تشارك في الملتقى الدولي السادس للرواية العربية "هناك أدوار تظل لها قدسية في حياة المرأة مثل الأم والزوجة التي تقوم على هذه العائلة وهي أدوار عظيمة لن تختفي لكن دخولها على الموضوع الثقافي تراه الناس وكأنه شيء غريب."
وأضافت "هو شيء غريب لأن التعليم في عالمنا العربي تأخر وخصوصا للمرأة.. أيضا غريب لأن مجتمعاتنا اغلقت الأبواب على النساء في بيوتهن لفترة طويلة لكن العالم اليوم انفتح ما عادت هذه الصيغة كما هي."
وتابعت قائلة "هناك محاولات ردة للصيغة التي تجعل المجتمع ذكوريا وتتحكم بالمرأة.. هناك محاولات. لكن أنا شخصيا لا اعتقد أن لها استمرار رغم تسلحها الآن بالعنف ومحاولة ظهورها على الساحة بأشكال وتجليات مختلفة."
وتعبر خريس عن حسرة شخصية بسبب وضع المرأة في المجال الثقافي العربي قائلة "الوجود الابداعي للمرأة رغم قدراتها لا تستطيع ان تقيسه بالانتاج الابداعي للرجل ربما لأن الأدوار الاخرى تختصر من حياتها فترة من الزمن ربما لمخاوف وهناك أسباب كثيرة لكن في النهاية الوجود الثقافي للمرأة خجول مقارنة مع ما تمتلكه المرأة من طاقات."
والكاتبة الأردنية التي صدرت لها 13 رواية وعدة مجموعات قصصية هي من بين 200 روائي وناقد جمعهم الملتقى الدولي السادس للرواية العربية الذي عقد في العاصمة المصرية بين 15 و18 مارس اذار الجاري.
الترجمة ذهايا وإيابا
وتبدي سميحة خريس تعجبها مما تراه "خللا" في حركة الترجمة من وإلى اللغة العربية رغم ترجمة عدة روايات لها إلى الانجليزية والاسبانية والالمانية والروسية.
وقالت لرويترز "أعرف ان كل كاتب عربي يطمح أن يوصل كلمته لأوسع جمهور ممكن ويتخطى الجمهور العربي ليوصل الصوت أو الفكرة أو القضية العربية للخارج عبر لغات أخرى وهذا شيء إيجابي."
لكنها استنكرت أن يكون انتقاء الأعمال لترجمتها قائما على أساس ما يعجب الآخر.
فقالت "لكن ما ليس إيجابيا هو تقديم صوت غير صوتك بمعنى أن تستعير الأصوات التي يشترطها الاخر ليترجمها وتقدمها له وتغير مسارك من أجل أن تعجبهم."
وأضافت "الحقيقة لو نظرنا لحركة الترجمة بشكل عام هي حركة بخيلة جدا ومحدودة جدا بصورة مخجلة. كم نترجم من الأدب الغربي؟ أو أدب أمريكا اللاتينية؟ من كل أدب العالم نترجم ترجمات مهولة لا يقابلها إلا النزر الضئيل جدا من الأدب العربي الذي يترجم للخارج."
وتابعت قائلة "الناشر قد يترجم أعمالا من الصينية أو اليابانية لأنه يعتقد انها أكثر رواجا. يمكن أن أفهم أن هذا منطق السوق التجاري لكن الذي لا افهمه هو عدم وجود مشروع فكري ثقافي عربي يقدم الفكر العربي. يعني نضع نقودا ونصرف مبالغ كبيرة لترجمة الاخرين من أجل ان نقرأهم نحن."
الربيع العربي
وتعتقد سمحية خريس - التي تحولت العديد من كتاباتها لأعمال درامية ونالت عدة جوائز كان اخرها جائزة الدولية التقديرية من وزارة الثقافة الأردنية - أن هناك شعورا بالخجل تلمسه لدى جيل من الكتاب والمثقفين العرب بسبب ما يطلق عليه "ثورات الربيع العربي."
وقالت "فوجئنا بداية بالثورات العربية وفوجئنا بالشباب لأن كثيرا منا كان ينظر نظرة يأس وان هذه الشعوب ليس لديها شيء وفجأة ظهرت هذه الشعوب لديها أشياء فنحن شعرنا ان هناك شيئا خلفنا وجعلنا نتخلف ككتاب ومبدعين ومثقفين. هذا يجعلنا نشعر بالخجل ويجعلنا نتردد قبل أن نطلق أحكاما جديدة اليوم."
وأضافت "بعد ذلك شعرنا بالخجل أكثر لاننا شعرنا اننا كنا بمجتمع تنويري وننادي بأفكار كبيرة وعظيمة ووجدنا للاسف ان مش الأفكار التنويرية بل الافكار الظلامية هي التي استطاعت ان تخلق لها قاعدة شعبية عريضة وهي التي استطاعت ان تكون لها قوة وسطوة ونحن ما زلنا في الخلف.. هذه أيضا صدمة أخرى للمثقف."
وتابعت قائلة "مجموع هذه الصدمات التي تحصل تجعل الآن الكاتب والمبدع يعد قبل أن يخطو خطوته التالية.. إضافة إلى اننا لا نمتلك المؤسسات الثقافية التي تجمعنا وتنظم صفوفنا وتخطط للحركة القادمة."
وقالت إن الملتقى الدولي للابداع الروائي بالقاهرة فرصة جيدة لأنه "مضت سنوات طويلة منذ قيام ما يسمى الربيع العربي لم يعد المثقفون يلتقون وهذا الحدث أتاح فرصة للنقاش والحوار حول كثير من القضايا."
وتعكف حاليا سميحة خريس - التي من أبرز أعمالها روايات "يحيى" و"شجرة الفهود" و"دفاتر الطوفان" و"بابنوس" - على كتابة رواية جديدة تدور أحداثها بين أكثر من بلد وتعود فيها إلى فكرة "الرق" وأصله هذه الممارسة وأسباب استمرارها الأطراف المتورطة فيها. وقالت إن العمل الجديد سيخرج للنور بعد عام أو ربما يزيد.