أظهرت الدراسات أن الطفل يتواصل مع وجه أمه من الأسابيع الأولى بعد ولادته، إلا أن من أهم ما يفتقده الطفل المصاب بالتوحد عدم تفاعله أو تواصله مع أمه، وهذا يشعرها بالإحباط.
لعل معظمنا يعلم أنه من خصائص اضطراب التوحد هو فقدان الطفل مهارات التواصل ومن أهمها التواصل البصري. لذا، تعاني أسرة طفل التوحد عدم تمكنها من معرفة أو تلبية احتياجاته بسبب فقدانه لهذه المهارة التي تتضاعف عند وجود ضعف أو عدم تواصل لفظي. المعضلة الأهم لاضطراب التوحد هي في العُزلة أو الذاتية أي أن الطفل المصاب يحب أن يكون لوحده ولا يسمح لأحد بالدخول إلى عالمه، فيظل في زاوية معينة في المنزل ويفضل الألعاب الفردية ويضيق من الأصوات العالية ومن وجود الآخرين في محيطه، ويصل به الحال إلى أنه يكره اللمس ويرفض إخوته.
أمام مثل هذه السلوكيات يعاني قلب الأم وتألم وهي تشاهد هذا البرود العاطفي لطفلها وعدم تجاوبه معها.
التوحد هو اضطراب في النمو العصبي الذي يتصف بضعف التفاعل الاجتماعي، ويظهر في عدم التواصل اللفظي وغير اللفظي، وأيضاً في أنماط سلوكية مقيدة ومتكررة. ولتشخيص هذا الاضطراب معايير معروفة ومقننة. لذا، من الأهمية أن يخضع الطفل للفحص من مختص في مجال تشخيص التوحد ولديه رخصة بذلك. ولا ينصح بإجراء هذه الاختبارات قبل سن الرابعة من العمر.
وكما هو معروف، فإن من أهم التبعات الناتجة عن الإصابة بالتوحد عدم الاختلاط الاجتماعي والتعليم الجماعي. لذا، عملت الحكومات على دمجهم في المؤسسات التعليمية النظامية حتى تخفف من وطأة هذه المعاناة وتكسبهم مهارات اجتماعية وتعليمية. ودون شك، فهذا ساعد على دمج المصابين في المجتمع.
ولكن، تبقى هناك تحديات ومن أهمها: قلة المراكز المختصة في علاج التوحد، بينما قائمة الانتظار عليها طويلة وتصل إلى عام أو عامين، وهو الذي يجعل الأبوين مضطرين إلى التوجه نحو المراكز الخاصة التي تثقل كاهلهم المادي ـ والحديث هنا عن المراكز المرخصة ـ أما تلك التي تعمل دون ترخيص فالحديث عنها يطول.
وعلى الأبوين التنبه إلى أن التدخلات العلاجية في الأساس هي التدخلات السلوكية وتنمية المهارات الاجتماعية وأيضاً الأدوية النفسية، جميعها لها دور مهم، خصوصاً إذا كانت سلوكيات المصاب بالتوحد مضطربة جداً ويخشى معها إيذاء النفس كالعض والضرب أو الاعتداء على الآخرين.
صحيح أن اضطراب التوحد يصاب به الأطفال، لكن الأسرة جميعها تعاني تبعاته، ودون شك تبقى على مختلف الحكومات في دول العالم دور مهم في توفير الخدمات الصحية لهذه الفئة بشكل مجاني