الارشيف / عالم المرأة

تاريخ و حقائق عن عيد الأم...

نبع الحنان الذي لا ينضب، الملاك الطاهر الذي لا أثر للدنس فيه، الحضن و الملجأ الدافئ للأولاد.. رمز التضحية و العطاء.. رمز العفاف و الطهر.. النور الذي يضيء ظلمات الحياة و يفسّر معانيها .. و من غيرها « الأم ».

لقد عرف بني البشر أهمية هذا المخلوق الاستثنائي منذ قدم الأزل و ليومنا هذا، ‏لذلك خصص العالم للأم يوماً يذكّر الناس بالعطاءات الكبيرة لها. ‏

 

و الاحتفال بعيد الأم له أسلوب و تاريخ يختلف من بلدٍ لآخر، و لكن يتفق الناس على أهميته الكبيرة و بحسب بعض المؤرخين فأول من احتفل بعيد الأم هم الإغريق في احتفالات عيد الربيع، و كانت هذه الاحتفالات مهداة إلى الإله ( ريا ) زوجة ( كورنس ) الإله الأب. ‏

كما كان هناك احتفال مشابه لهذه الاحتفالات في روما القديمة، حيث كان لعبادة أو تبجيل سبيل أم أخرى للآلهة، و قد بدأت الأخيرة حوالي 520 سنة قبل ميلاد السيد المسيح عليه السلام، و هذه الاحتفالات الدينية عند الرومان كانت تسمى ( هيلاريا ) و تستمر لثلاثة أيام من 15 إلى 18 أذار. ‏

 

 

لكن المؤسس الفعلي لهذا اليوم هي الأميركية ( آنا غارفيس )، التي ولدت عام 1864 و عاشت في غرافتون غربي ولاية فيرجينيا الأميركية خلال فترة شبابها. 

 

" آنا " لم تتزوج طيلة حياتها و كانت تعيش مع أمها فلما ماتت الأم حزنت عليها حزناً كان مضرب الأمثال في الابتلاء بفقدان الأم .. و هالها أن الإنسان لا يستشعر مدى قيمة الأم إلا بعد رحيلها ..!! لذا استمرت في كتابة الخطابات التي تنادي فيها بأن يصبح هذا العيد عيداً قومياً في كل ولايات أميركا، كما قادت حملة تدعو بها إلى تخصيص يوم لكل أم كي تنعم بما تستحقه من تقدير و تعظيم في حياتها، و اتّسع نطاق الحملة حيث أصبحت كل ولاية تقريباً بحلول عام 1909 تحتفل بهذه المناسبة إلى أن ترددت أصداؤها حتى بلغت الرئيس " ويلسن " الذي أصدر قراره في أيار 1914 باعتبار يوم الأحد الثاني من شهر أيار ( مايو )  / الموافق لذكرى وفاة أم آنا غارفس / عيداً للأم في كل البلاد ترفع فيه الأعلام على جميع المباني الحكومية تعبيراً عن الحب و العرفان الذي يكنّه الوطن لكل أم.

و منذ ذلك اليوم و عيد الأم يعتبر أهم الأعياد ابتهاجاً في أميركا حيث يطوّق الناس أعناقهم بعقود من الورد الأحمر رمزاً لوجود الأم أو الورد الأبيض لمن رحلت أمهاتهم، و توالى انتشار هذه الفكرة النبيلة حتى غمرت العالم على اختلاف عقائده و مذاهبه.‏

 

 

 لم تكتف " آنا " بجعل هذا العيد محتفلاً به فقط في الولايات المتحدة الأميركية، بل كان همها الأكبر بأن يكون هذا العيد عيداً عالمياً تحتفل به كل شعوب العالم، لذا استمرت في كتابة الخطابات، و إلقاء الكلمات التي تنادي بعالمية هذا العيد، و تحقق حلمها الذي كان يراودها قبيل وفاتها و تحديداً في عام 1948، و انتشرت الفكرة في جميع أنحاء العالم حيث أخذت تحتفل به أكثر من 40 دولة على مستوى العالم الغربي و العربي. ‏

 

فالنرويج كانت تقيمه في الأحد الثاني من شباط، أما في الأرجنتين فهو يوم الأحد الثاني من تشرين الأول، و في اليابان يكون الاحتفال في يوم الأحد الثاني من أيار مثل أميركا الشمالية و في جنوب أفريقيا في أول أحد من أيار، أما في فرنسا آخر أحد من أيار. ‏

 

 

بالنسبة للعالم العربي، فالمصريون أول من احتفل بعيد الأم و كان ذلك على يد الأخوين " مصطفى و علي أمين " عندما نشرا في زاويتهما في أخبار اليوم فكرة يقترحان فيها تخصيص يوم للأم يكون بمنزلة تذكرة بفضلها، و أشارا إلى أن الغرب يفعلون ذلك و إلى أن الإسلام يحض على الاهتمام بالأم. ‏

فكانت ردود الفعل مختلفة، فمنهم أيّد الفكرة و منهم من رفضها بحجة أن كل أيام السنة للأم و ليس يوماً واحداً فقط، و لكن أغلبية القرّاء وافقوا على فكرة تخصيص يوم واحد و شارك القرّاء في اختيار يوم 21 آذار ليكون عيداً للأم و هو أول أيام فصل الربيع، و ليكون رمزاً للتفتح و الصفاء و المشاعر الإنسانية. ‏و حددت مصر يوم 21 آذار سنة 1956 كأول يوم يحتفل فيه بعيد الأم، و من مصر انطلقت الفكرة لتغزو البلاد العربية من خلال أجهزة الإعلام المختلفة. ‏

 

و في سورية فقد كرّمت الأم حين أصدر الرئيس السوري " حافظ الأسد " المرسوم رقم 104 الذي اعتبر يوم الواحد و العشرين من آذار من كل عام يوم عطلة رسمية ليفسح المجال لكل الناس أن يحتفلوا بهذا اليوم العظيم. ‏

 

 

حضّت الأديان السماوية على تكريم الأم و أوصت ببرها في كل وقت، و قد شرّع الله للمسلمين برّ الوالدين جميعاً و تكريمهما و الإحسان إليهما، و حذّرهم سبحانه من العقوق و القطيعة و خصّ الأم بمزيدٍ من العناية و البر، لأن عنايتها بالولد أكبر ما ينالها من المشقة في حمله و إرضاعه و تربيته أكثر. قال الله سبحانه و تعالى : ( و قضى ربك ألا تعبدوا إلا أياه و بالوالدين إحسانا )، ‏و قال رسول الله صلى الله و عليه و سلم : ( الجنة تحت أقدام الأمهات )، و الآيات و الأحاديث في بر الوالدين و صلة الرحم و بيان تأكيد حق الأم كثيرة و مشهورة، و هي تدل من تأمَّلها دلالة ظاهرة على وجوب إكرام الوالدين جميعاً و احترامهما و الإحسان إليهما.

 

 

لذلك علينا أن نتنبّه إلى عدم تخصيص الأم بالتكريم في يوم واحد من السنة فقط، ثم إهمالها في بقية أيام العام، بل علينا أن نحترمها و نرعاها في كل الأيام. ‏فـعيد الأم عيدنا في كل يوم .. و هي تاج على رؤوس أبنائها لا يشعرون به إلا عند فقدانها .. إنها ينبوع الحنان الرباني الذي ينهل المرء منه جنيناً ثم رضيعاً و صبياً و شاباً و كهلاً و شيخاً.‏ و صدق من قال : الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعباً طيب الأعراق...‏

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى