من الطبيعي في البشرية أن يتجنب الإنسان ما يخيفه، وهذه الآلية خلقها الله في الكائنات كلها لتفادي الموت، وكان الإنسان القديم يخاف من البرق والرعد والحيوانات المفترسة والسامة. وآلية الهروب هذه طبيعية ومع تطور الإنسان ومغادرته البرية والغابات وبناء المنازل أصبحت الآلية غير مطلوبة في حياتنا الروتينية خصوصاً في المدن الكبيرة الآن. وأن هذه المدن أتت معها أنواع جديدة من المواقف والتي لا تسبب الموت ولكن يظن البعض أن مواجهتها تؤدي للموت ويسبب القلق الكبير لهم. وربما أدت المواجهة إلى حالة من الذعر والهلع الشديدين.
هذه الحالة تعدّ من الاضطرابات النفسية ويطلق عليها اضطرابات القلق والخوف ويصاب بها أكثر من خمسة في المئة من الشعوب وتتسم بأفكار يخاف منها الشخص فتصبح مبرراً لديه، فيتولد لديه قلق من الأماكن المزدحمة أو المرتفعة أو القلق من الإصابة بالأمراض، وعلى الرغم من أن التحاليل تكون سلبية فإنه يدخل في دوامة التفكير بالعواقب ويؤثر بالتالي سلباً في حياته، وهذا على سبيل المثال لا الحصر.
وقد انتشر في الآونة الأخيرة رهاب الشوارع أو السواقة بسبب أزمة السير التي أصبحنا نعانيها يومياً والخوف من الأمراض ورهاب الأماكن المرتفعة والقلق العام وغيرها الكثير من الأمراض النفسية التي هي وليدة العصر والسرعة. ويتسبب هذا النوع من القلق في زيادة في التعرق وسرعة ضربات القلب وضيق في النفس، فيلجأ المصاب لأقسام الطوارئ في المستشفيات ويقوم بإجراء جميع الفحوص وتكون طبيعية. ومن الأفكار المرادفة لحالات القلق والهلع هو الخوف من فقدان السيطرة. وربما يصاب بها البالغون فلا يستطيعون مغادرة المكان. والخوف من تكرار حدوث هذه النوبة، فيلتزم المصاب في المنازل حتى يتجنب أي مؤثرات خارجية تزعجه.
وعلاج هذه الحالات أبسط مما يتوقعه الفرد المصاب بالقلق، فهناك العلاج عن طريق الجلسات النفسية والاسترخاء والتي تتمحور حول مناقشة المخاوف وتوضيحه للمصاب بأنها غير واقعية. ويساعد أيضاً المعالج المصاب بالقلق والهلع بمواجهتهم لمخاوفهم عن طريق التمارين العقلية والعملية.
أما في الحالات الأشد فيلجأ الطبيب النفسي إلى وصف مضادات القلق وليس المهدئات حتى تستقر حالة المصاب بالقلق ويستطيع أن يتعامل مع المعالج النفسي. والدراسات أثبتت جدوى العلاجات والتي يشفي منها أكثر من الثلثين من دون الاستمرار على الدواء.
ورزقكم الله الطمأنينة والسكينة.
استشاري طبيب نفسي