بالرغم من أن المرأة السعودية أثبتت جدارتها وقدرتها وطموحاتها للتفاعل مع المتغيرات الاقتصادية والإدارية والاجتماعية والثقافية الحديثة والاستفادة منها في التنمية الاقتصادية، وبالرغم من أن قوانين الدولة ونظمها كفلت للمرأة كافة حقوقها، حيث تساهم المرأة في التنمية الاقتصادية مساهمة ديناميكية فاعلة، وبالرغم من أن النساء يمثل عددهن نصف المجتمع إلا أن نسبة البطالة النسائية بالمملكة بحسب تقرير مصلحة الإحصاءات العامة وصلت إلى 35%، وارتفع عدد النساء العاطلات إلى ما يقارب من 400 ألف امرأة حسب الكتاب الإحصائي لمركز الإحصاءات العامة والمعلومات، وهذا الرقم يسجل ازديادا سنويا، كما أن هذه الأرقام تعكس تدني إسهامات المرأة في سوق العمل السعودي رغم عشرات القرارات التنظيمية والتشريعية في هذا الشأن.
أما فيما يتعلق بنسبة النساء العاملات في سوق العمل فقد بلغت نحو 5% منها 4% في القطاع الحكومي ونحو 1% من إجمالي العاملين بالقطاع الخاص والبالغ عددهم حوالي نحو 7 ملايين عامل وعاملة وهي نسبة متدنية جدا، وبعض الإحصاءات تؤكد أن نحو 60% من قوائم الباحثين عن العمل هم من النساء، وأن نحو 70% من هذه النسبة يحملن شهادات الثانوية والجامعية، كما أوضحت الإحصائيات بأن هناك أكثر من 1.5 مليون طالبة أعمارهن فوق 15 سنة سيطلبون وظائف خلال الثماني سنوات القادمة، كما أن عدد الخريجات من الجامعات السعودية والابتعاث يتجاوز عددهن سنويا 72 ألف خريجة ومعظمهن يبحثن عن عمل.
وهذه الإحصائيات توضح أن مشاركة النساء في النشاط الاقتصادي لا تزال محدودة عند مقارنتها بإجمالي أعداد النساء في سن العمل أو إجمالي قوة العمل مما يدل على وجود خلل هيكلي واضح في سوق العمل النسائي خاصة في القطاع الخاص والذي تميل فيه الكفة إلى العمالة النسائية الأجنبية، ويتضح منه أن العمالة المواطنة بشكل عام والمرأة بشكل خاص هي المتضرر الأكبر من هذا الخلل البنيوي.
ومن أهم أسباب هذا الخلل الهيكلي في سوق العمل هو إحجام القطاع الخاص عن توظيف العمالة النسوية بشكل فاعل، كما أن من أسباب تعثر عمل المرأة هو انخفاض الراتب مقارنة بعدد ساعات العمل اليومي، ونظام الورديات التي تتعارض مع مهماتها الأخرى إذا كانت متزوجة أو لديها أطفال.
ولتذليل هذه المعوقات والصعوبات تحتاج المرأة السعودية إلى حلول ومبادرات خلاقة واستراتيجيات واضحة من الدولة ممثلة في وزارة العمل ووزارة الخدمة المدنية لتعزيز مشاركتها في التنمية الاقتصادية في الدولة.
وحتى لا نبكي على الحليب المسكوب ويضيع وقت آخر، يجب على القطاع الخاص أن يقوم بدوره الوطني على أكمل وجه في التوظيف وإحلال السعوديين محل الأجانب والوطن يحتاجنا جميعا لأن نمارس صدق مشاعرنا اتجاهه بإيقاف تدفق الغرباء.