حاز ملف المرأة على اهتمام واسع من قبل القيادة الإماراتية.
ولا غرو فقد اعتبرت المرأة شريكاً أساسياً في عملية التنمية ولاعباً مهماً على الساحة العامة. ولما لا وقد كانت في الماضي شريكاً رئيسياً في المجتمع عندما كان الرجال يغيبون في المغاصات فترات طويلة وتحتاج الأسرة إلى اتخاذ قرارات مصيرية مهمة.
وعند قيام الاتحاد أولت القيادة الإماراتية المرأة اهتماماً مضاعفاً.
وجميعنا نتذكر أحاديث المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان والذي أولى ملف المرأة اهتماماً لا مثيل له، الأمر الذي عوضها ضنك السنوات السابقة.
وخلال سنوات الاتحاد وصلت المرأة بفضل توجيهات القيادة الرشيدة إلى مكانة متميزة وأولتها القيادة اهتماماً كبيراً خاصة بما يتعلق بالتعليم وفرص العمل، الأمر الذي أفسح المجال أمامها للترقي الوظيفي وصولاً إلى المناصب القيادية المختلفة.
الإحصائيات الحالية المتعلقة بالمرأة تقدم لنا صورة واضحة عما وصلت إليه خلال العقود الأربعة الماضية، فمؤشر عمل المرأة عالي جداً ومؤشر تدرجها الوظيفي وتقلدها للمناصب القيادية يعد الأعلى في المنطقة. أما ما يختص بحقوقها المدنية فقد حصلت المرأة عليها كاملة وبما يتناسب مع خصوصية المجتمع وضرورات العصر.
لم يعد هناك مجال لم تدخله المرأة ولم يعد هناك باب مغلق في وجهها كل ذلك تم برعاية تامة من القيادة الرشيدة التي رأت أن تسليح المرأة بكل المهارات إنما هو تسليح للمجتمع ودرء لأي مخاطر مجتمعية.
ولكن على الرغم من هذه المكانة إلا أن وضع المرأة في منطقة الخليج عامة والإمارات بشكل خاص لا تزال بعض المنظمات توجه لنا فيه النقد، تارة تحت مسمى الحقوق المدنية وحقوق الإنسان وتارة ثانية تحت مسمى الحريات الغريبة على مجتمعنا.
فما هي النقاط التي تدفع مثل تلك المنظمات إلى الخوض في ملف المرأة في مجتمعنا ولماذا يصر هؤلاء على إثبات عكس الواقع؟ وكيف السبيل إلى توضيح وضع المرأة الحقيقي وإبراز الصورة المشرفة والمكانة الصحيحة التي وصلت لها المرأة في مجتمعنا؟ ما هو الطريق إلى كشف الأساليب التي يلجأ لها الآخر لتشويه صورة المنجز النسوي الإماراتي؟ وهل بالضرورة أن يكون وضع المرأة في مجتمعنا كوضعها في الدول الغربية؟
في نظر الآخر ما زال وضع المرأة في البلاد الإسلامية متدنياً وما زالت المرأة تخضع لسيطرة الرجل وما زالت حقوقها المدنية منتهكة ولا يزال الحجاب الذي يغطي المرأة المسلمة يصور كعائق يحجب عقلها وحقوقها ويصورها وكأنها مضطهدة ومسلوبة الحرية.
ويخلط البعض بين الحقوق المدنية الحديثة والحقوق الاجتماعية في ثقافة الشعوب وأديانها.
فحقوق المرأة الاجتماعية في المشرق عامة قد أوصت به كل ثقافات شعوب المشرق وأديانها أما حقوقها المدنية الحديثة كحق التعبير وحقوق المواطنة فهي حقوق عالجتها القوانين الحديثة لتلك المجتمعات.
ولكن في بلدان المشرق عامة هناك خيط رفيع بين ما هو اجتماعي وما هو ديني أو عقائدي، ولذا فإن قضية اختلاط المفاهيم وعدم وضوحها قد يصبح قضية جدلية.
وبالتالي يمكن للمنظمات الحقوقية الدولية أن تنفذ لأي مجتمع شرقي من هذا الجانب. فمثلاً في مجتمعات الخليج تتفوق بعض الأحيان بعض القضايا الاجتماعية وتأخذ حيزاً كبيراً الأمر الذي يجعل البعض يصورها وكأنها قضية دينية.
فمثلاً شرع الإسلام الرؤية الشرعية للزوجين قبل الزواج، ولكن بعض الأسر تعارضها من وجهة نظر اجتماعية، وكذلك حرم الإسلام الزواج القسري، ولكن بعض الأسر تجبر بناتها على الزواج.
مثل هذه الأمثلة لا يفهمها الآخر ويتخذ منها وسيلة لتشويه صورة المرأة بشكل عام. إن المنجز النسوي في بلادنا كبير ولا يحتاج سوى النظر إليه بمنظار محايد ليس وراءه خلفيات سياسية أو أيديولوجية أو مصالح خاصة.
فما وصلت له المرأة في العقود الأربعة الماضية يفوق ما وصلت له المرأة في الغرب في الفترة الزمنية نفسها. فالمرأة الغربية لم تحصل على حق الانتخاب والترشح إلا منذ فترة بسيطة قياساً بتطور مجتمعاتها، كما أن الحقوق المدنية التي حصلت عليها المرأة الغربية قد جاءت نتيجة لنضال طويل قادته المرأة هناك بينما حصلت المرأة في بلادنا على حقوقها الاجتماعية والمدينة كافة نتيجة حرص ووعي القيادة الرشيدة على معاملة المرأة كمواطن كامل الأهلية. فما تحتاج أن تعرفه تلك المنظمات واضح أمامها ولكنها تلجأ أحياناً لتشويه صورة المجتمع عن طريق النفاذ إليه من ملف معين، وفي مجتمعنا لا يوجد غير ملف المرأة.