يقول المنظرون إن البكاء هو ردة فعل للإنسان عندما يكون تفكيره منصباً على الإحباط والفقدان أو عدم الإحساس بالأمان. فيتبعونه بالسؤال هل الإنسان بحاجة لأن يبكي؟ الجواب نعم، إن البكاء بمثابة منفذ صادق خالص للتعبير عن التصرفات أو القلق المكبوت داخلنا.
البكاء هو الشيء الذي نحن جميعاً بحاجة إلى القيام به من وقت لآخر للخروج من مختلف الأفكار والمشاعر التي «يتوقع» منا المرور بها لكوننا أعضاء في مجتمع متحضر.
ولا ننسى أن البكاء مرتبط بالحالة النفسية، وبالأخص الحزن والاكتئاب وأول الأعراض التي تظهر على الإنسان المصاب بالاكتئاب هو البكاء الخارج عن نطاق العادة، إما بكثافة أو بزيادة نوبات البكاء.
ومع زيادة الضغوط الحياتية اليومية التي باتت تسيطر علينا سواء في العمل أو المنزل أو الطرقات، أصبح العديد منا ينتابه البكاء. وتجده يبكي لأسباب لم تعد مهمة له أو لأسباب لم تكن في الماضي تجعله يذرف الدموع، فلا يستطيع أن يوقف بكاءه جراء رؤية مشهد محزن أو سماع تعليق أو حتى بدون سبب.
وإن راجع الباكي نفسه فيسجد أن تفكيره يرتكز على المآسي والكوارث والأمور السلبية ولوم الذات، ويغلب عليه الحزن والشعور بضيق في صدره لا يستطيع الخلاص منه.
وهذه الثلاثية مجتمعة ترجح إصابة الفرد بالاكتئاب مع وجود شرط رابع هو أن تكون الحالة مستمرة لفترة لا تقل عن أسبوعين، وبدأت وظائفه الحياتية بالتدهور، فلا يستطيع التركيز وتقل لديه الشهية للطعام، وربما لزم الفراش حتى يتجنب الناس عند بكائه. وما يثير استياء المكتئب أن يسأل نفسه، أنت لست نفسك اليوم، ماذا حصل لك؟ إن هذا السؤال مقصده جيد ولكن هذا النوع من الأسئلة يثير حفيظة الإنسان وربما جاء رده بعصبية، فالإنسان المصاب بالاكتئاب لا يعلم ما حصل له.
وهنا يأتي من الضرورة أن نشارك أحزاننا مع شخص آخر، ليس أي شخص وإنما المتخصص في هذه الحالات، أو الأقرباء الذين يفهموننا كلما فتحنا قلوبنا لهم.
ومحاولة الخروج من دوامة الحزن بالعودة لممارساتنا والاستعانة بالعائلة والأصدقاء وممارسة الرياضة وتذكر المقولة «إنه من الطبيعي أن نبكي لخسائرنا، وإنه لأمر طبيعي أن نقيم حداداً على الأحلام التي لم نتوفق في تحقيقها، ولا بأس أن نشعر بالألم ولكن تذكر أنه من الممكن أن نكون بحالة أسوأ».
استشاري وطبيب نفسي إماراتي