(1)
أريد أن أجعل من أمي امراة قوية
ان لا تخفض صوتها لتنتظر اشارات السماء
او أذونات لذكورة من حولها وجودهم في حياتها كان بلاء
ان تحقق رغبة طفولتها في ازقة مخيم عين الحلوة
حين كانت تنتظر إذناً للخروج وتعود لتضرب على تأخير غير موجود
وان تستهلك طاقتها بين طلبات وأوامر، تارة يرتفع صوتاً آمراً: احضري لي كوبا من الماء
وآخر يحنو عليها: اشطفي الدار قبل ماتعتم الدني
فقررت ان تتمرد على واقعها، لتكون اول دعوة تطلقها بعد ان نزف رحمها، وقرر المجتمع ان تكبر، والدين ان يحرم كل مافيها ان تدعو الله بصمت: الهي احرق جنس ادم بعضهم فوق بعض
لكن الله جعلها يوما، اقوى من سلاح الدعوات، وارتحلت الى الخليج في سنها السابع عشر لتتمرد على الواقع
ابنة عين الحلوة، مدخنة، مسافرة، واول من تعلم القيادة بين اخوتها واخوانها، فكانت بالفعل امراة عظيمة خلف نفسها العظيمة، ورسمت لمن حولها مقولة جديدة وراء كل امراة عظيمة نفسها..
الى ان تزوجت، وانجبت، ونسيت.. فكان ظل الرجل افضل من ظل الحيط، ومارست مخاوف والدتها على بناتها، دون ان تعي او تدرك ما الذي تفعله، اصبحت حياتها فجاة، نسخة مصغرة عن اخرى عاشتها وكانت تمقتها
تلك التي تعلمت، وكبرت في قسم الادارة والملفات باحدى المستشفيات، انهت دراستها الثانوية وكان ذلك قلما يحدث في جيلها، ودست في قلب بناتها سلاح العلم الذي لم تتمه حتى اخرها، فدون ارادة منها، دست مع السلاح ذات المخاوف والقلق..
ونسيت ان الحياة لا تحتاج لمواجهتها الا امراة تؤمن بقدراتها وبنفسها، وتنسى مع صلوات الله، ان هناك آدم لا يمكن ان يكون اقوى منها في حضرة ايمانها بنفسها
(2)
طموحي أن تكف النساء في عالمنا العربي عن التمسك بوجود الرجل كشيء في غيابه تنعدم الحياة
أن لا تخشى المعنفة من طلب الطلاق، ولا تكتم المطلقة ظلمها ونظرات المجتمع لها، أن لا تكون هناك رهبة ملاصقة لكل امرأة قالت على الملأ كيف أصبحت هنا..
وأن ننسى قليلاً الأحاديث المهترئة، الأحادية التي لا رأي للطرف الآخر بها، الهامسة والتي تخلو من فرض حضورها وقوتها!
أن تكون حاجة وجود الرجل في حياة المرأة مكملاً لها، لا عبئاً، يبدأ لظل راجل ولا ظل حيطة وينتهي بجملة "هناك أعداء لي"..
أن ينتهي زمن تكون أقصى أحلام النساء فيه تتلاصق بكلمة لو كنت رجلاً، وأن لا تصنف فيه كل واحدة الأخرى تبعاً لما ينقصها، لا عاقراً لا تلد، كل النساء أنجبن وإن كان رحمهن لم يحبل، كل النساء تزوجن، بقصص حب فشلت، كل النساء سواء، ولكل واحدة منهن طريقة لله، خصها بها، لتصبح حالة نادرة، قوة هائلة، وطاقة تتجدد مع كل صباح.
لو أن كل امرأة في عالمنا العربي تعلمت أن ارتفاع صوتها في كلمة الحق لن يخدش أنوثتها، وأن موقفها القوي في استرداد مافقدته دون وعي ليس أمراً يهينها، وإنما يرتب على إثره المارة احتراماً وتكريماً لها.
لو كل امرأة تعلمت أن تقول لا، أن تطلب علماً، عملاً، أن يكون استقلالها نجاحاً لها، وأن لا تورث أجيالاً قادمة من أبناء وأحفاد حقوق مصنفة، أن لا تصفق لخيانة الرجل وتقف عند خيانة المرأة ملصقة العديد من الألقاب أولها وآخرها يتصل بكلمة عاهرة!
لو كانت النساء في بلادي قويات.. لما كنت أنا في ربيعي العشريني هنا
لو كانت كلمة لا حاضرة بيننا، في أزماننا، لما كان نساء عائلتني يختبئن خلف تحديثات فيسبوكية، متمنعات عن اظهار الألم بمبالغات كلامية، او اخفاء الدموع حتى لا تسقط معها قيمة ماسكارا كلقتهن التنازل عن ثلاثة وجبات عشاء خارجية..