الارشيف / عالم المرأة / أخبار المرأة

العنف ضد المرأة في إسرائيل

  • 1/2
  • 2/2

د.جعفر هادي حسن - " وكالة أخبار المرأة "

توجد حوادث عنف عائلي وغير عائلي في إسرائيل، كما في أي بلد آخر ،وربما كانت نسبة هذا العنف في إسرائيل أكثر من غيرها في البلدان الأخرى نسبة إلى عدد سكانها، ولذلك أسباب، لسنا في صدد الحديث عنها هنا.وتذكر إحصائيات أن واحدة من كل سبع نساء قد عانت من العنف، وان واحدة من ثلاث قد عانت شيئا من العنف، بسبب كونها إمرأة.ويعتقد أن خمسا وعشرين شريكة حياة،-زوجة أو صديقة- تقتل في كل سنة ، من قبل شريكها وبسبب تزايد العنف العائلي منذ ظهور الدولة، فقد طالبت الحركة النسوية الدولة ،مساعدتها في إنشاء مركز لهؤلاء النساء اللائي يمارس ضدهن العنف ،ولكن الدولة كانت تنكر في البداية وجود شيئ من هذا والحاجة إلى المركز ، وعندها بادر عدد من النسويات في عام 1976 من حيفا في إنشاء أول مركز لإيواء النساء، اللائي يمارس ضدهن العنف . ثم بعد اشهر أنشئ مركز آخر في هرتزيليا قرب تل ابيب.وكان هذا المركز قد أنشئ طبقا لأيدلوجية الحركة النسوية التي بدأت تقوم ببعض النشاطات لصالح المرأة. ويعتمد كل مركز على العمل الطوعي، والمساعدة المالية التي يقدمها الأعضاء .ثم انشأت ألمجموعة ستة مراكز خلال الخمسة عشر عاما اللاحقة .وأخذت الحكومة تساعد هذه المراكز وهي اليوم تخصص لها مساعدة مالية.وهناك اليوم على الأقل ثلاثة عشر مركزا، وواحد للنساء العربيات وآخر للنساء الأرثودكسيات، وآخر للحالات الطارئة للمدى القصير،وهي ليست كلها طبقا لفلسفة الحركة النسوية، ولكنها تقوم بمساعدتها كلها.
كما أن هناك اليوم ثمانية عشر مركزا للعلاج من أجل منع حدوث العنف في العائلة .وتذكر إحصائية من عام 1999أن عددا كبيرا من النساء اتصلت بالمراكز وأن 10% من هؤلاء هن من النساء العربيات . ووهناك أيضا أعداد من الرجال يعالجون في هذه المراكز ،وهم عادة يأتون بأمر من المحكمة لإيوائهم فيها، ويكون ذلك بدل فترة السجن التي يحكم بها الرجل.وتعطي هذه المراكز استشارات للأفراد وللزوجين،وللعوائل.وهدفها هو أن تهيئ فرصة لأعضاء العائلة في ان يعيشوا حياة خالية من العنف.
وبسبب انتشار حالات الإغتصاب أيضا فقد أنشأت الحركة النسوية مراكز للنساء المغتصبات،وكان أول هذه المراكز قد افتتح عام 1978 في تل أبيب ،وهناك اليوم حوالي عشرة مراكز في إسرائيل ،وقد توسعت خدمات هذه المراكز خلال العقود الماضية ،فهي تقوم بالدفاع عن الضحية وتقدم برامج تربوية ودروس في الدفاع عن النفس . كما تقوم بعض النساء من النخبة من عضوات كنيست وفنانات ،وإعلاميات بمساعدة هؤلاء الضحايا،وقد أنشات جمعية تضم هذه المراكز.
وتذكر الإحصائيات أن ثمانمئة امراة والف ومئتي طفل يدخلون المركز كل سنة، وكثير من النساء لايُقبلن بسبب عدم وجود مكان لهن،وتتراوح فترة بقاء القادمين والقادمات إلى هذه المراكز بين عدة ايام وسنة. وفي إحصائية حديثة كان هناك أكثر من خمسة آلاف اتصال عام 1998 تتعلق باعتداءات جنسية .وكان أكثر من 28% تتعلق بالإغتصاب وأكثر من 4% كانت محاولة اغتصاب وأكثر من 3% كانت المحاولة من قبل عصابة وأكثر من 6% كانت من قبل الأب،وأكثر من 3% من قبل الأخ وما يقرب من 9% من أحد أفراد العائلة وأكثر من 28% من قبل آخرين، وبقية الحالات كانت اعتداءات جنسية أخرى. وفي عام 1999 كانت هناك زيادة بنسبة 35% في الإتصالات لمراكز الإغتصاب. حيث كان أكثر من ستة عشر ألف إتصال، في هذا العام نصفها تقريبا تتعلق بحالات إغتصاب أو اعتداء جنسي أخر وقد عزي هذا إلى كثرة الحديث عن الموضوع ومناقشته في وسائل الإعلام.
Jewish Faminism in Israel (صص137-8)
الإحتلال والعنف ضد النساء
تذكر سيمونا شاروني في دراسة لها في كتاب
Studies of Israeli women مثالا على العنف الذي تواجهه المرأة الإسرائيلية وارتباطه بالإحتلال. .والمثال هو ماقام به جلعاد شيمان البالغ من العمر ثلاثة وعشرين عاما، الذي كان يؤدي الخدمة العسكرية في غزة عام 1989 .فعندما كان هناك في هذه السنة ،أطلق النار على بنت شابة فلسطينية عمرها سبعة عشر عاما كانت تقرا كتابا في شرفة شقتها فأرداها قتيلة.وكانت المحكمة العسكرية قد اتهمته باللاأبالية ،ومع ذلك فقد أطلق سراحه بعد أن استانف هو الحكم.وبعد سنتين من هذه الحادثة في عام 1991 أطلق جلعاد النار على صديقته السابقة وأرداها قتيلة.وتوضح هذه القضية كما تقول سيمونا العلاقة المتشابكة بين الرجل والمرأة والعسكرة والعنف ضد المرأة (في إسرائيل)،وهي ترى أن من الأهمية بمكان أن نضع قضية جلعاد ضمن احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية .
وقد أخذ العنف من قبل الجيش الإسرائيلي ضد المرأة الفلسطينية في الأراضي المحتلة، ينبه المرأة الإسرائيلية ويثير وعيها عن العنف في مجتمعها، بخاصة بعد الإنتفاضة الأولى .فقد أخذ عدد من المنظمات النسائية يتحدثن عن العلاقة بين العنف الجنسي كسلاح يمارسه جنود الإحتلال ضد المرأة الفلسطينية في الأراضي المحتلة ، وتزايد العنف ضد المرأة الإسرائيلية وعلاقة ذلك بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي. وتبين للمنظمات النسائية، أن العنف الذي يمارسه الجيش في الأراضي المحتلة، هو في الواقع نمطي ولم يتحده أحد أو ينتقده أو يثير التساؤل حوله، بل أصبح ثقافة ضد النساء الإسرائيليات يواجهنه يوميا فيشوارع إسرائيل وبيوتها. وأخذت النساء يحتججن بأصوات عالية ضد الإحتلال ،وضدالعنف الذي يمارسه الجيش الإسرائيلي ضد المدنيين الفلسطينيين في الأراضي المحتلة وظهرت عدد من المنظمات تدعو النساء إلى الإحتجاج على العنف ورفض تهميشهن في الحياة الإجتماعية والسياسية وضرورة سماع أصواتهن.وكان من هذه المنظمات شبكة النساء الإسرائيليات للسلام ،ونساء ضد الإحتلال ،ونساء (موشحات) بالسواد التي تركز أيضا على إنهاء الإحتلال وغير هذه.
وتلقى عضوات هذه المنظمات الكثير من الإهانة والشتائم من قبل اليمين المتطرف،بخاصة مايوجه إلى النساء (الموشحات) بالسواد ،وتقول إحدى عضوات هذه المنظمة إن مايقوم به المعارضون مع هؤلاء النساء، يمثل أقصى نماذج االإحتقار والكره للنساء، ويعبر عن إنكار حق المرأة في التعبير علنا عن حقوقها المدنية وواجباتها كمواطنة للدولة. وتنتقد النسويات الصورة التي تعطيها الدولة للجندي بأنه المدافع عن النساء والحامي لهن بقولهن "إن صورة الجندي الذي يقتل النساء والأطفال في الأراضي المحتلة يوميا، ويأتي بالعنف إلى عائلته وأصدقائه، لايتفق مع الصورة التي ترسمها الدولة لهذا الجندي على أنه يخدم في الجيش من أجل حماية النساء الإسرائيليات والأطفال.
إن العلاقة بين التمييز ضد المرأة، والعسكرة، وبين العنف ضد الفلسطينيين والعنف ضد النساء في إسرائيل،يعتبر الآن من قبل الحركة النسوية موضوعا نمطيا .كما أن النساء الناشطات من أجل السلام،قد أصبحن على دراية ومعرفة، بهذه العلاقة منذ الإنتفاضة الأولى في ثمانينات القرن الماضي.وتربط راحيل أوستروويز، رئيسة تحرير المجلة النسوية "نوجا" بين العنف ضد النساء والإحتلال بالقول " الإضطهاد هو الإضطهاد وهناك علاقة قوية بين العنف ضد النساء والعنف في الأراضي المحتلة، فالجندي الذي يخدم في هذه الأراضي يتعلم بأنه يجوز استعمال العنف ضد الناس الآخرين ، ولذلك يكون هناك احتمال كبير أن يأتي بهذا العنف معه عند رجوعه إلى مجتمعه، وهذا له تأثير علينا كنساء".
كما أن التأكيد على الأمن القومي التي تعطيه الدولة الأولوية، ليس فقط يبقي الوضع على ماهوعليه،بل يؤكد على العلاقة بينه وبين العسكرة السياسية والعنف. وأخذت النسويات والناشطات الإجتماعيات يعين ويفهمن علاقة السيطرة الذكورية والعسكرة السياسية في الدولة.ويقلن بان التأكيد على الأمن القومي،وإعطائه الأولوية في إسرائيل يساهم في سيطرة الرجال ويبرر العنف ضد الفلسطينيين وضد النساء.
وتقول أخريات إن التأكيد على أولوية الأمن القومي ،وأنه أهم من حياة الإنسان يذكرنا بالأولويات الأخرى، مثل أن المعدات الحربية لها الأولوية بدل الأجور العادلة للمرأة،أو انفاق المال لنظام تعليم أفضل .

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى