لم يأتي هذا المقال للبحث التفصيلي في دور المرأة بالمعنى المطلوب حرفياً، ولا في بحث مشاركتها الفعلي بالمجتمع، ولا حتى بالتطرق إلى سلطتها وتقاسم الأدوار داخل أسرتها، وكل ما هنالك أن الأحداث وبالتحديد منذ العام 2007، أي منذ الإنقسام الذي حدث بين شقي الوطن، والكل يلاحظ غياب المرأة وغياب دورها في المشاركة برأب الصدع وسد الثغرات، من خلال اللجان العديدة التي شكلت لهذا الغرض. فقد انطلقت الحركة النسائية في فلسطين منذ مطلع القرن العشرين، ومع بداية الإحتلال لفلسطين كان للمرأة دور عظيم وجلي في مشاركتها للرجل ومساندته له في أرض الميدان، وعلى مدار سنوات الإحتلال تحملت المرأة الفلسطينية ما لم تستطيع تحمله أي إمرأة بالعالم، فكانت المقاتله والفدائية كالمغربي، وكانت الشهيدة والأسيرة، بل وتعدت ذلك لتكون معيلة لأسرتها في ظل غياب زوجها الشهيد والأسير، والحديث عن بطولاتها يطول، والحقائق حول دورها تدعو للفخر بأن تكون إبناً لهذه المرأة.
وبموازاة ذلك عملت المرأة أيضا على إنشاء الجمعيات والمؤسسات النسوية التي تحاول مساعدة المرأة في كافة قضاياها، ومع قدوم السلطة ببداية التسعينات زادت مهامها وتنوعت، وتم تأسيس العديد أيضا من المراكز والمؤسسات المهتمة بقضايا المرأة، والتي تنادي بحقوق المرأة وتناضل لإنتزاع هذه الحقوق من مجتمع ذكوري كغيره من المجتمعات، معتمدة بعملها على مبدأ المشاركة الذي كان وما زال بأرض المعركة، والذي تم تكريمها من أجله بوثيقة الاستقلال حين أعلنت وبشكل صريح بين طياتها عدم التمييز بين المرأة والرجل. ومن هنا كانت البداية، وإستمرات المرأة بسعيها لتحقيق أهدافها، فنجحت في مواطن، وأخفقت بمواطن أخرى، لكن نجاحها كان واضحاً من خلال تقلدها مواقع كثيرة ومتنوعة بالمجتمع، فقد خرجت من عباءة المهن التقليدية لتقود مؤسسات ووزارات ومحاكم.
وعلى الرغم من كل ما حققته المرأة حتى الآن بالمجتمع، والذي نعرف يقيناً بأنها تطمح لما هو أكثر من ذلك، وهو برأي الجميع حقها الطبيعي، لكن الملفت للنظر حقاً، هو غيابها من الأحداث الجارية حالياً، حيث يكاد دورها لا يذكر في عملية إصلاح ما تم إفساده، أو بمعنى أخر لم نجد لها دور أو حتى عضوية في أي لجنة من اللجان التي شُكلت وتُشكل كل يوم لهذ الغرض بشكل واضح، خاصة وأن المرأة هي الأكثر تضرراً من هذا الانقسام، أو بأقل تعبير تعاني معاناة الرجل في ظل ما تشهده الساحة الفلسطينية، رغم وجود العديد من المؤسسات النوعية سواء على المستوى الرسمي وغير الرسمي، لذا ومن هذا المنطلق لا بد أن يكون هنالك دعوات نسوية حقيقية للمساهمة في إنهاء هذه المأساة من خلال دور نسوي فعال، لا الركون بالخلف وعدم إبداء الرغبة في المشاركة، أو تعليق فشلها على الرجل الذي يرفض تدخلها، وأن كان الأمر كذلك، فلتعود لماضي الحركة النسوية، وستجد بأن كل الحقوق تم إنتزاعها إنتزاعا.