اكتسب ملتقى الإعلام وتعزيز المرأة فى حماية الأمن القومى العربى أهمية بالغة، وفى إطار ما يشهده العالم العربى من تهديدات ضخمة
أخطرها واقع الإرهاب الذى يزعزع الدول العربية وينال من مكتسبات المرأة عبر تاريخ نضالها الطويل والعسير.. ولقد أبرز الملتقى كيف أن مفهوم الأمن القومى قد شهد تطورا كبيرا وأصبح يعالج الجوانب الاقتصادية وقضايا البيئة والتصدى للجماعات الإرهابية والاحتكارات الاقتصادية العملاقة، إلى جانب تمكين المرأة من المشاركة فى حماية أمنها القومى، لأن المرأة تعد المدرسة الأولى التى تعلم الأجيال قيم الوطنية. ولقد عالج المنتدى من خلال تجربة السفيرة مرفت التلاوى الطويلة فى عدد من المناصب القومية والدولية التى احتلتها أهمية تبنى أسلوب جديد فى التعامل مع قضايا المرأة واعتبارها عنصرا جوهريا فى ضمان الأمن القومى العربى، بحيث يسهم هذا التناول الحديث فى تحسين أوضاع المرأة، وإيجاد رأى عام عربى مؤيد للمرأة من خلال تطوير أدوات الإعلام العربى ليتوجه لمخاطبة الرأى العام العالمى وبالذات أن مجلس وزراء الإعلام العرب فى نهاية شهر مايو الجارى سيدشن خطة تحرك إعلامى ويحدد استراتيجية إعلامية لمكافحة الإرهاب. ولقد صدر عن هذا المنتدى المهم توصيات ايجابية ومن بينها اعتبار أن التمييز ضد المرأة قضية أمن قومى، وتكريس الأمن القومى الذى يتسع للأبعاد الاجتماعية والإنسانية جنبا إلى جنب مع الأبعاد العسكرية والاقتصادية والسياسية، وتعديل المناهج الدراسية من أجل تعزيز دور المرأة فى الدفاع عن الأمن القومى، ودعوة الحكومات العربية للنظر فى تجنيد النساء وهو أمر تم الترحيب به بحماس شديد، وتعزيز دور الأسرة فى مكافحة الإرهاب من خلال فعاليات مستقبلية.
فى نفس الأسبوع لانعقاد هذا الملتقى العربى.. دعتنى الدكتورة جليلة القاضى لمؤتمر آخر فى غاية الأهمية عقده المعهد الفرنسى لبحوث التنمية بالتعاون مع وزارة البحث العلمى لتحدثنا عالمتان مصريتان هما بالطبع الدكتورة جليلة القاضى، والدكتورة سحر عطية عن احياء الفراغ العام فى المنطقة المركزية بالقاهرة، لأطلع على أبحاث تمثل تحديات كبيرة لمستقبل القاهرة، ولأدرك أن التعاون المصرى ـ الفرنسى فى المجال العلمى قد حقق عدة إيجابيات، حيث أسفر بحث المهندسة المعمارية المثقفة د. جليلة القاضى عن «العمارة الجنائزية بمدينة القاهرة» عن نتيجة مهمة، حيث تم الاعتراف بمناطق الجبانات كتراث حضارى لابد من الحفاظ عليه، بينما كان مطلوبا هدمها، وأصبحت «الجبانات» جزءا لا يتجزأ من تاريخ القاهرة، ولتنضم لقائمة التراث الإنسانى الذى تفخر به منظمة اليونسكو.
طرحت ـ أيضا ـ الدكتورة جليلة منهجا جديدا للحفاظ على منشآت القرن التاسع عشر إلى بداية القرن العشرين ينطبق على منطقة وسط القاهرة لتصبح تراثا غير قابل للهدم، وحققت انتصارا بالنسبة لجميع أقاليم مصر، حيث تم تطبيق منهجها وأصبحت كل محافظة تتمتع بقوائم من أجل عدم المساس بالمبانى التاريخية، ونجحت المعمارية المصرية ـ أيضا ـ فى تسجيل قصر سعيد حليم آخر رئيس وزراء قبل أتاتورك، والذى يقع فى شارع شامبوليون والذى تحول إلى مدرسة الناصرية كتراث مصرى غير قابل للهدم، وطرحت مؤخرا جمعية أصدقاء قصر سعيد حليم تحويله إلى متحف، وهى تسعى جاهدة فى إعادة تخطيط الفضاء العام بمشاركة المواطنين والأخذ بآرائهم، حيث استحوذوا على هذا الفضاء خلال الثورة وأبرع مثال هو ميدان التحرير.
نعم.. إن القاهرة هى مدينة المؤتمرات، وما أكثر المؤتمرات التى تبرز عطاء المرأة المصرية ونجاحها فى أكثر من مجال سواء فى منظومة العمل العربى أو البحث العلمى أو الحفاظ على التراث.