كتبت تغريدة بالشبكات الاجتماعية، مفادها أني أعرف حالات كثيرة تريد المرأة التي بلغت الـ40 سنة أن تتحرر من قيد الرجل، فانهالت علي الرسائل والاتصالات وكأن عاصفة قوية هبت من كل مكان، وكأني بهذه التغريدة قد فتحت جرحا كان مغلقا كان الناس يشاهدونه بصمت، وقد تجاوز التعليقات علي الألف تعليق، حتى قلت في نفسي إن المسألة حقا تحتاج لدراسة ووقفة جادة، وقد أحببت أن تعيشوا معي رأي النساء والرجال بالموضوع الذي طرحته.
وهذه مجموعة من تعليقات النساء، قالت الأولى: إن المرأة التي تريد التحرر من زوجها؛ بسبب كثرة تضحيتها وعدم وجود مقابل يعوضها عما قدمت له. وقالت الثانية وهي في سن الخامسة والأربعين: إنها اكتشفت ذاتها مؤخرا، وتريد أن تنطلق بالحياة، فتؤسس مشاريع وتستكمل تعليمها. وقالت الثالثة: إن هذا شعور طبيعي للمرأة بهذه السن، وإني أنصحها بعدم هدم بيتها وتخصص وقتا لذاتها. وقالت الرابعة: إن كثرة الضغوط تولد الانفجار، وخاصة إذا كان الزوج مقصرا في النفقة والتربية ومشغولا عن بيته. وقالت الخامسة: إن المرأة التي تطلب التحرر قد ملت من الصبر على بخل الزوج أو ضربه لها. وقالت السادسة: إنها كانت تفكر بهذا الموضوع، وقالت لنفسها إن سن الـ 40 هو سن النضج، وتريد أن تحدث تغيرا في حياتها. وقالت السابعة: إذا فقدت المرأة شعورها بالأمان فإنها تضحي بكل مكتسباتها؛ من أجل الحصول على الأمان. وقالت الثامنة: أكيد بسبب قربها من سن اليأس وتغيير الهرمونات بجسدها، فإنها تفكر بهذه الطريقة. وقالت التاسعة: إن المرأة إذا لم تجد من يقدرها ويحترمها ويشبع حنانها وعاطفتها فإنها تفكر بالتحرر لعلها تجد من يشبع عاطفتها. وقالت العاشرة: إن هذه المرأة كانت مشغولة سابقا بدراستها ثم زواجها وبعدها بتربية أطفالها والآن وصلت لعمر شعرت بالفراغ، فلهذا هي تفكر بعمل شيء جديد بحياتها مثل عمليات التجميل أو التخلص من زوجها.
أما تعليق الرجال، فقال الأول: إن المرأة بدأت تفكر بالتخلص من زوجها بعد الـ 40؛ لأن لديها صديقات مطلقات أو غير متزوجات يؤثرن عليها. وقال آخر إن المرأة نسيت هدفها الحقيقي ووظيفتها الأساسية بأن تكون أما ومربية وتكون زوجة وصديقة وتكون جدة حنونة. وقال ثالث أنا عشت هذه المشكلة مع زوجتي وكانت تريد مني أن أطلقها، ولكني صبرت عليها حتى تجاوزت الأزمة، والآن هي تقول لي الحمد لله أنك لم تسمع كلامي. وقال الرابع ربما لأن المرأة نسيت الهدف من خلقها، وهو عبادة الله -تعالى- وأن ما تعانيه يكون سببا في دخولها للجنة. وقال الخامس ربما بسبب كثرة انتشار شبكات التواصل الاجتماعي هو الذي شجعها على طلب الانفصال. وقال السادس إن هذه زوجة أنانية، وقال السابع ربما لأنها خايفة أن يتزوج زوجها عليها، فقالت (أتغدى به قبل أن يتعشى بي).
فهذا ملخص الآراء التي وردتني وغيرها كثير، ولعل من طرائف التعليقات التي أضحكتني أن امرأة قالت إذا أرادت المرأة ألا تشعر بشعور التحرر من الزوج عند الـ 40، فنصيحتي لها أن تتزوج بعد الـ 40، فضحكت لهذا التعليق، وذكرت امرأة تجربة لها فقالت: أنا في الخمسين من عمري ومررت بهذا الشعور، ولكني استطعت أن أتغلب عليه عندما وازنت بين أن أتحرر وأنطلق بحياتي أو أصبر وأحافظ على بيتي، ولكني صبرت وتجاوزت المشكلة، والآن أحمد ربي أني لم أطلب الطلاق.
وأحب أن أقول تعليقا على هذه الآراء، عندما يبلغ الإنسان منتصف العمر فإنه يفكر بمثل هذه الأفكار، سواء كان رجلا أو امرأة، من باب التغيير والتجديد بالحياة، فالرجال يفكرون بالتعدد والنساء يفكرون بالتحرر، ولكن أهم شيء عدم الاستعجال في اتخاذ القرار وعمل الاستخارة والاستشارة؛ حتى يكون الإنسان مطمئنا لقراره، وأنا أعرف الكثير من الحالات التي حاربت من أجل الطلاق في هذا العمر، ثم ندمت بعدما ذهبت السكرة وجاءت الفكرة، فليس كل شعور نشعر به نصدقه ونحوله لمشروع عملي.. فلنتأمل ذلك.