خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان ليعمر الأرض، وحتى يستطيع أن يعمر الأرض وينتج، قسم الله يوم الإنسان بين العمل والراحة أي النوم، وهذه القسمة ربطها الله سبحانه وتعالى بالنور، فالإنسان بطبيعته خلق لينام مع الليل ويصحو مع بزوغ الفجر، وكان الإنسان القديم لا يعاني من مشاكل النوم، حيث إن وقته كان مرتبطاً بالشروق والغروب، إلا أنه مع اختراع الكهرباء والأضواء لم يعد هذا الارتباط قوياً فتغيرت أوقات النوم والاستيقاظ وأصبح الإنسان قادراً على التحكم في كمية النور الموجود في محيطه دون الاعتماد على الساعة الطبيعية وهي الشمس.
وأخيراً أصبحت الأضواء في كل مكان وطوال الوقت تشع في أعيننا لتمنع «ساعاتنا» البيولوجية من احتساب الوقت اللازم للراحة والخلود إلى النوم، فأصبحت الأضواء تلاحقنا حتى في الأسرَّة وتقلق نومنا. فالتليفزيونات معلقة أمام أسرة النوم والأجهزة اللوحية تستخدم في الفراش وأطفالنا يستخدمون الهواتف المشعة تحت الأغطية والشراشف.
أصبحت اضطرابات النوم في ازدياد، فالكثير منا يشكو من قلة النوم أو عدم الراحة في النوم أو الاستيقاظ المبكر، وقد أثبتت ذلك الإحصاءات التي وجدت أن شبابنا لا ينام، فزادت شكاوى المدرسين من قلة تركيز الطلاب، وأحياناً نومهم داخل قاعات الدراسة، وزادت عصبيتهم بسبب قلة نومهم.
وإن الدراسات بينت أن اضطرابات النوم لها دور مباشر في حوادث الطرق وتدني المستوى الأكاديمي وتدني الإنتاجية في العمل، فأصبح الكثير منا يعتمد على «القهوة» حتى يستطيع أن يمضي وقته في العمل. والمشادات الكلامية بين الأزواج تنتهي عادة بالجملة المعروفة «أنا مضغوط» وإذا حللنا هذه الجملة لرأينا أن المقصود بها أنني «لم أنم جيداً».
ومن أهم مساعدات النوم هي النوم في الوقت نفسه بشكل يومي، والابتعاد عن الوجبات الثقيلة في المساء، وعدم «اصطحاب الأجهزة المضيئة إلى السرير، وإخراج التلفزيون من غرف النوم.
أما إذا استمرت المعاناة مع النوم، فربما كان اضطراب النوم عرضاً مرتبطاً باضطرابات نفسية، سواء الاكتئاب أو القلق، وهنا على الفرد مراجعة الطبيب النفسي ليقوم بوضع خطة علاجية لأساس المشكلة حتى يتسنى للمريض التغلب على الأرق. وختاماً أتمنى لكم نوماً هانئاً.