يمنع زواج الأطفال، والذي يعرف بأنه الزواج قبل عمر 18 سنة، النساء من الحصول على التعليم بحسب ما تظهر أخر الأبحاث.
وفي مصر، يبدو زواج الأطفال أشبه بحلقة مفرغة. إذ يدفع ضعف تعليم الأسر إلى تزويج بناتها في سن مبكر بحيث لا يحصلن بدورهن على تعليم كافي.
قال جمال الخطيب، مدير المشاريع في مؤسسة باثفايندر الدولية في مصر، “يمكّن التعليم الفتيات وأيضاً الأسر. إن غياب التعليم هو السبب الرئيسي لانتشار هذه الممارسة.”
يحدد القانون المصري، منذ عام 2008، سن زواج الفتيات بـ 18 عاماً. لكن على الساحة الدولية، لم يكن موقف مصر واضحاً تماماً حتى وقت قريب. إذ قدمت الحكومة اعتراضاً على مقال نشر في صحيفة الميثاق الأفريقي لحقوق الطفل والتي حددت عمر 18 عاماً السن القانوني الأدنى للزواج. في شباط/ فبراير قالت هيومن رايتس ووتش إنه تم سحب التحفظ.
لتعزيز القانون، تحظر الحكومة المصرية تسجيل زواج من هم دون السن القانونية. مع ذلك، لا يزال زواج الأطفال منتشراً في المناطق الريفية، حيث تقبل الأسر في كثير من الأحيان بإجراء عقود زواج غير مسجلة لحين وصول الفتاة للسن القانوني بحسب منظمة هيومن رايتس ووتش.
في الواقع، وجدت دراسة أجرتها اليونيسيف ووزارة التضامن الاجتماعي في مصر في عام 2010 أن 11 في المئة من الزيجات تمت لفتيات دون السن القانونية.
يعتبر زواج الأطفال أمراً شائعاً في المناطق ذات التقاليد القبلية قوية مثل شبه جزيرة سيناء، والتي تعد موطناً لحوالي اثنتي عشر قبيلة بدوية، وفي المناطق الريفية في جنوب مصر بما في ذلك سوهاج والفيوم بحسب الخطيب. كما يمكن العثور أيضاً على حالات زواج مبكر في المدن الكبيرة، بما في ذلك العاصمة.
وبحسب مسح أجري عام 2013 من قبل باحثين في مركز البحوث الاجتماعية بالجامعة الأميركية بالقاهرة فإن 17 في المئة من النساء المصريات تزوجن قبل بلوغهن سن الـ18. شمل المسح 4000 سيدة مصرية تراوحت أعمارهن بين 10 و29 منهن 4.6 في المئة تزوجن قبل وصولهن لسن 16 عاماً.
ووصفت زينب خضر، باحثة في الجامعة الأميركية بيانات الدراسة “بأنها صدمة.”
من جهة أخرى، أوضحت دراسة أجرتها مؤسسة فورد والجمعية المصرية لدراسات السكان والصحة الإنجابية العلاقة بين تراجع تعليم المرأة وزواجها المبكر. إذ تجد الكثيرات ممن تزوجن مبكراً صعوبة في الحصول على التعليم. من ضمن 300 سيدة تمت مقابلتهن فإن 42 في المئة منهن تزوجن قبل سن 18 عاما وكن أميات. بينما أكملت 5 في المئة منهن تعليمهن الثانوي ولم تحصل أي منهن على شهادة جامعية.
في المقابل، تحصل النساء اللواتي يتزوجن في سن متأخرة على فرص تعليم أكبر. إذ أن مايقرب من 30 في المئة من النساء اللواتي تزوجن بعد سن 18 عاماً يتقن القراءة والكتابة و12.5 في المئة منهن أكملن تعليمهم الجامعي وفقاً للدراسة.
تخطط بعض الأسر إلى تزويج بناتها في سن مبكرة لتجنب الأعباء المالية للتعليم. إذ كشف مسح الجامعة الأميركية أن 63 في المئة من النساء اللواتي تزوجن دون السن القانونية لم يلتحقن أبداً بالمدرسة أو تسربن منها قبل أو بعد الزواج.
كما قالت الدراسة إن 9 في المئة فقط من النساء تسربن نتيجة لزواجهن. قالت خضر “يفضل الآباء إبقاء الفتيات في المنزل لتحضيرهن للزواج.”
لاينتهك زواج الأطفال الحق في التعليم فقط ولكن أيضا عدداً كبيراً من الحقوق الأخرى بما في ذلك التعرض للعنف، والرعاية الصحية الإنجابية والجنسية والعمل وحرية التنقل بحسب منظمة هيومان رايتس ووتش.
يعمل خبراء وكالات محلية ودولية على إيجاد حل لهذه المشكلة، والتي تنبع من المعتقدات الدينية والتقاليد والعوامل المالية والبطالة والفقر، بالإضافة إلى نقص التعليم.
قال الخطيب “في كثير من الأحيان يدفع مزيج من هذه العوامل الأسر للشعور بأنهم عاجزين وغير قادرين على حماية بناتهن وأنهن سيكن أفضل حالاً في رعاية شخص أخر.”
بدورها تعتقد خضر أن زواج الأطفال ينتشر في الأسر التي تزوجت الأمهات فيها أيضاً في سن مبكر بحيث تنتقل هذه العادة من جيل لأخر.
بدأت هيئة كير الدولية في مصر مشروعاً في عام 2011 لرفع مستوى الوعي حول أضرار الزواج المبكر وتشجيع المجتمعات المحلية على حماية حقوق المراهقين في مناطق مختارة من صعيد مصر، وذلك من خلال استخدام مجموعة من الأساليب المتنوعة لزيادة معرفة ومهارات الفتيات وتمكينهن بحيث لايكن مضطرات للزواج المبكر. ويسعى المشروع أيضاً لتوعية أولياء الأمور، الذين يقررون في نهاية المطاف مستقبل الفتيات، عن مخاطر زواج الأطفال وأهمية التعليم والطرق التي يمكن أن يدعمن بها مجتمعاتهن.
من جهة أخرى، تعمل هيئة كير مصر إلى جانب سبع منظمات أخرى على وضع استراتيجية وطنية لمكافحة زواج الأطفال. تسعى الاستراتيجية، التي ستدخل حيز التنفيذ على مدى السنوات الـ 15 سنة المقبلة، للتأكد من حصول الفتيات اللاتي يعشن في مناطق ينتشر فيها زواج الأطفال على تعليم جيد. كما تركز على زيادة فرص عمل الفتيات كي لايشعرن بحاجة الى التسرع في الزواج.
كما يأمل الخطيب برفع مستوى الوعي حول الصحة الإنجابية، لضمان وصول الفتيات إلى خدمات الرعاية الصحية وضمان فرض واحترام قانون يكافح زواج الأطفال.
قالت فيفيان مختار ثابت، مديرة برنامج حقوق المرأة للرعاية مصر. “ليست كير وحدها من ترى [زواج الأطفال] أولوية، لكنه أولوية في بلدنا لكونه يؤثر على قدرات الفتيات على مواصلة تعليمهن.” مشيرة إلى اعتقاد المنظمة أن زواج الأطفال يعد شكلاً من أشكال العنف المنزلي والعنف القائم على نوع الجنس.