المتابعة والمراقبة وتتبع الآخرين ورصد أخبارهم، تكاد تكون ظاهرة أو ممارسة شائعة، ففي كل مجتمع توجد ثلة دوماً من الأفراد ممن لا وظيفة لهم سوى التدقيق في كل شيء عند الآخرين، ثم الحديث والنقد غير الموضوعي، لدرجة يخيل لك أن بعض المجالس لا هم لدى روادها سوى بسط الكلام في هذه الجوانب الحياتية للآخرين.
المعضلة ليست هنا، إنما تصل إلى أبعد عندما تقيس إنتاجيتك وما قدمته في أي مضمار بما قدمه الآخرون. أسوق هذه الكلمات بعد نقاش مع بعض الزميلات في الوسط الأدبي، وتركز الحديث حول جدوى متابعة الساحة الأدبية ورصد الإنتاج الأدبي الجديد، فبعضهن كن يؤيدن بشدة أهمية الاطلاع على الحراك في هذا المجال ومعرفة آخر ما تم إنتاجه، وأخريات وجدن أن في مثل هذه المتابعة تضييعاً لوقت ثمين، وأن إنتاج الفرد يجب ألا يتأثر بأي عوامل خارجية، وأن على المؤلف عزل نفسه عن أي مؤثرات.
إحدى الصديقات قالت: ألا يمكن أن يكون بمتابعة الوسط الثقافي عامل تحفيز وتشجيع للمؤلف، واستشهدت بالبيت الشعري للنابغة الذبياني:
نفس عصام سوّدت عصاما وعلمته الكرّ والإقداما
بمعنى أن المؤلف إذا شاهد كل هذا الإنتاج فقد يكون ذلك دافعاً له لتقديم المزيد من العمل. ومع وجاهة هذا الرأي إلا أنني أنبه إلى جانب آخر يتعلق بالإحباط والشعور بالتقصير ثم اليأس، وأرى عدم المتابعة الدقيقة المتعمدة، حتى لا تتحول إلى هوس غير مبرر قد يصيبنا بمقتل فيمنع فعلاً تدفق الأفكار التي هي غذاء المؤلف وزاده في مضمار الكتابة.