كوريا الشمالية مجتمع ذكوري يطغى عليه الطابع العسكري.. لكن المرأة هي من يصنع المال في وقت تتغاضى فيه البلاد عن اقتصاد غير رسمي يعتمد على قوى السوق.
وأظهر بحث أجراه معهد كوريا للتوحيد الوطني الذي تديره حكومة كوريا الجنوبية أن النساء هن مصدر أكثر من 70 في المئة من دخل الأسرة في كوريا الشمالية وأن معظم دخلهن من التجارة بالأسواق غير الرسمية التي بدأت تنتشر في السنوات الأخيرة.
يحدث هذا رغم أن النساء لا يشكلن سوى نحو نصف الفئة النشطة اقتصاديا في البلاد وقوامها 12 مليون نسمة حسبما يقول الخبراء. أما أغلب الرجال فإما مكبلون في وظائف حكومية يجنون منها مالا أقل وإما يخدمون في الجيش.
قالت شابة عمرها 26 عاما فرت إلى كوريا الجنوبية عام 2012 وترسل أموالا لأسرتها في الشمال بصفة منتظمة لتدعم نشاط أمها التجاري البسيط "نحن الكوريون الشماليون نقول إن الرجال يحاربون على جبهة الاشتراكية أما النساء فيحاربن في معركة الحياة."
وأضافت الشابة التي تدرس بالجامعة في سول "لا موارد من الدولة وأبي يعمل دون أجر عملا إلزاميا."
واقتصاد كوريا الشمالية المركزي لم يسترد بعد عافيته بعد انهيار الاتحاد السوفيتي.. داعم بيونجيانج الاقتصادي والعسكري خلال الحرب الباردة. وأتبع هذا مجاعة مروعة في التسعينات أودت بحياة ما يقدر بين 800 ألف و1.5 مليون نسمة وبدأت حينها النساء يبعن فطر عش الغراب المسروق وكابلات النحاس الخردة لإعالة أسرهن.
وشيئا فشيئا بدأ الكوريون في الشمال يولون وجهتهم شطر الاقتصاد غير الرسمي لإعالة أسرهم وباتت النساء يلعبن دورا نشطا في هذا المجال يفوق كثيرا دور الرجال.
غير أن الرجل هو العنصر المهيمن على الجيش والحكومة.. مصدر القوة المطلقة في كوريا الشمالية التي يبلغ عدد سكانها 24.5 مليون نسمة. ولا تظهر من النساء في الطبقات العليا في الصفوة الحالية في بيونجيانج سوى قريبات الزعيم كيم جونج أون.. أخته كيم يو جونج وعمته كيم كيونج هوي أخت الزعيم الراحل كيم جونج إيل.
واقتصاد السوق غير الرسمية غير قانوني لكن يتم التغاضي عنه إلى حد كبير إذ أن هناك مسؤولين فاسدين من بين عناصره الرئيسية.
ويقول لاجئون وخبراء إن الباعة الذين يقيمون أكشاكا في بعض الأسواق المتناثرة في البلاد والبالغ عددها 400 سوق تقريبا يدفعون إتاوات لمسؤولين بالحزب الحاكم.
ووجدت دراسة أجراها (تحالف المواطنين لحقوق الإنسان في كوريا الشمالية) وشملت 60 امرأة فررن من الشمال عامي 2011 و2012 أن كثيرات منهن يحققن دخلا شهريا من نشاطهن التجاري غير الرسمي يتراوح بين 50 و150 ألف وون كوري شمالي أي من ستة دولارات إلى 18 دولارا بأسعار السوق السوداء الحالية وفقا لبيانات موقع ديلي إن.كيه الإلكتروني ومقره سول. وفي المقابل يتراوح أجر العمل الحكومي بين 2000 و6000 وون شهريا وهو أقل من سعر الكيلوجرام الواحد من الأرز في مدينة هيسان والذي يبلغ 8490 وون حسب بيانات ديلي إن.كيه.
ومعظم الفارين جاءوا من المناطق الريفية بشمال شرق البلاد ويعتقد أن التجار في مناطق الحضر يكسبون أكثر بكثير.
ولا سبيل لرويترز أن تتحرى دقة البيانات المتعلقة بالعمل أو الدخل إذ أن كوريا الشمالية لا تعلن إحصاءات اقتصادية كما أن معظم الكوريين الشماليين ينخرطون في عمل غير رسمي.
قالت المنشقة كيم مين-جونج التي تدير خدمة تعارف بغرض تزويج 1500 امرأة فررن من الشمال "إذا كانت المرأة تريد أن تحيا حياة كريمة هناك فعليها إما أن تبيع أغراضا في السوق أو تتزوج من رجل يعيش على الرشى أو الإتاوات التي يتقاضاها من النساء العاملات في السوق أو أن تعمل لحساب شركات التجارة التابعة للنظام."
وأضافت أن نساء كوريا الشمالية يصفن رجالها بأنهم "أنوار مطفأة طوال اليوم