الارشيف / عالم المرأة / أخبار المرأة

لقاء وطني

  • 1/2
  • 2/2

الكاتبة الصحفية: مها الجويني - تونس - خاص بـ " وكالة أخبار المرأة "

دخلت غرفتها بعد يوم مرهق من الرقص في حانات البلاد ، قدميها تشتهيان
 الراحة ، نزعت ملابسها ، رمت تبانها الداخلي الذي كان يتقاطر عرقا واتجهت
 مسرعة تتسلل تحت "الدوش" . إنهمر الماء الدافئ على جسدها وهي تسكب
 سائل الصابون الوردي عليه وهي تميل خصرها قليلا تحت المياه ...
 لفت المنشفة ثم توجهت نحو غرفتها لتجلس على الأريكة واضعة حاسوبها على
 رجليها ، شغلت أغنية "البنت الشلبية" ليلمع فجأة مؤشر السكايب السفلي ...
 وجدته 'أون لاين' ، هو ذلك الكاتب الشقي الجريء من يصف أغلب المبدعات
 بالنسويات "بأحلامات مستغانمات " لأنه يرى في أقلامهن ضعفا منهجيا
 وتقليدا رديئا "لأحلام مستغانمي" كما أنه لايتردد في نشر بعض المقاطع و
 يتهكم عليها علنا دون رادع .
 سلاطة لسانه لا تقف عند صديقاتها المبدعات بل تتجاوزهن لتصل لرفيقاتها
 من مناضلات اليسار من يصفهن "بأولاد حارتنا" نظرا للطابع الذكوري الذي
 يميزهن, فحسب رأيه هن فشلن في أن يكن نساء وهن صور مشوهة عن المناضلات
 اليساريات في روسيا و فرنسا و في العالم .
 رغم امتعاضها مما ينشره على صفحته في الفايس البوك التي تراقبها و
 تتابعها كما تتابع نشرة الاخبار الجوية في فصل الشتاء ، إلا أنها تتلذذ
 بما يكتب وسيّما حين ينشر صوره عن آخر ما قراه من كتب في الادب الفرنسي و
 العالمي. كما أنها تحترق حين يعلق على صور المبدعات الغربيات و كأن في
 وطنها لا يوجد ما يثير قريحته للقراءة أو ربما لأن كتاباتها لا تثيره و
 لا تلفت إنتباه ذلك الناقد السينمائي المغرور من تسميه : "بالنذل الوسيم".
 نظرت الى آخر صورة نشرها ، كان وسيما كعادته يلبس قميصا أبيض و سترة زرقاء
 قاتمة زادت لون عينيه بريقا و خبثا و الكثير من النذالة حاملا بين يديه
 ديوانا لمي زيادة.  راسلته عبر الماسنجر قائلة : أغار من مي زيادة . أجابها
 مبتسما : مرحبا "بسليلة الجمالية".. لقد راودتني صورتك حين كنت أقرأ
 الديوان ...
 نزلت إجابته كالصاعة على جسدها الذي إستعاد حرارته و عرقه فجأة ، أبعدت
 خصلة شعرها المبللة عن وجهها لتتثبت مرة أخرى في ما كتب ، من أين يعلم
 أنها من مريدي "أم الزين الجمالية" ؟ و من أين له أن يعلم انها تعشق
 جبران خليل جبران ؟ أي نباهة يملكها هذا الشقي ؟
 ردت : شكرا عزيزي ... لكن من أين لك بانتمائي القبلي وقناعاتي ؟
 أجاب : جليّ في كتاباتك المتوحشة التي تشبه عينيك .سلام الله لأسياد بلادي...
 ردت :أغار فعلا من "مي زيادة" ... هنيئا لها بيديك
 قال : تعالي عبر سكايب ..
 اتصلت به، ظهرت صورتها على شاشته و قطرات الماء تتماهى مع حمرة وجهها
 والسعادة و التحدي يتراقصان بعينيها السوداء كغجرية أرمينية تشتهي السلام.
ابتسمت لوجهه الذي بدا مشرقا و هادئا وقالت في نفسها : لما غابت النذالة
 عن عينه في هذه اللحظات؟
 بدأ حديثه معها :-لا أخشى المحيط الأطلسي الذي يفصلني عنك .. ستلتقي روحي
 مع روحك هذه الليلة في انتظار موعد اخر على أرض محايدة ...
 كل العالم أراضي محايدة .. سأضرب موعدا وطنيا معك .. بعطر ياسمين بلادي
 و مع نقشة حنة خفيف على حواف رجلي اليمنى يجعلك تشتهي تقبيل الأرض ..
 سآتي لأحدثك عن يومي الذي قضيته في "الحمام البخاري"بحارتنا القديمة،
 سأحدثك عن الجسد المعتق بروائح البخور و مستحضرات العطور التقليدية
 التونسية ستشتم رائحتي بنية طيبة .. تأتي في إطار بحوثك حول "الجندر" في
 تونس ... و من قال انك تغازلني ؟
  أنت أكبر من فعل الغزل سيدتي ..سأكتفي بلمسك ..من قال أنني لا أنحني أمام حسناوات بلادي ذات الجمال المتوحش و
 الاغراء المتخفي سأكون طريدة فخورة بمصيرها رغم أنك ستجودين عليّ بدور
 الصياد .. ولكني أعلم اني ضحيتك من أول ما قرأت نصك حول "العشق و الثورة"
 ... كلماتك لا تقل إثارة عن نهدك المخضب بريح جبالنا ... التي لا تزال
 تحيطه رغم أسفارك المتعددة ..
 قرصت على زر جانبيّ لتشغيل أغنية "البنت الشلبية" مرة ثانية ، انتفض من
 وراء شاشة "سكايب" : إلهام مدفعي نحبو برشا ..
 إبتسمت ، وقفت ، ضبطت شاشة حاسوبها و بدأت في الرقص ، تمايلت يديها ،
 تحرك خصرها ، ادارت صدرها يمنة و يسرة ، تهادى بطنها يمنة و يسرة تحت
 .... تمايل جسدها بهدوء .... أنهت رقصتها وكان هو بصدد الإنتهاء ..
 عادت الى مكانها ،أمسكت قارورة الماء الرابضة فوق طاولة صغيرة أمامها
 شربت منها ، : سالته : ما رايك ؟
 صمت ،و ظل متسمرا في مكانه يرد بابتسامة عليها الذهول و الغبطة ، كان
 الشوق يتعالى على عينيه فتح زر قميصه الأعلى و شرب من كأس النبيذ ، كان
 يتلذذ بتلك الإثارة التي اعترته تحت شتاء باريسي قارص ، نبضات قلبه عادت
 للتدفق كما كان مراهقا في حواري تونس القديمة يتابع صور الجميلات
 على قناة "الراي يونو" الايطالية ..
 تقدم بكرسيه نحو مكتبه، ماسحا العرق الذي انهمر  لجرأتها و
 دلالها وحديثها المعسول الممزوج بالقوة و بالضعف والوبال.... كان
 خليطا من المتناقضات أدهشه و جعله يشتهي رسم قبلات على خصرها في تلك
 اللحظة ، كانت عيناه لا ترى سوى جسدها الذي ذكره ببيت جدته في الجبال
 العالية .
 نظر إلى كأس نبيذه الباريسي ، و قال : شكرا لهذا الموعد الوطني ..

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى