بمناسبة مرور مائة عام على حق المرأة المشاركة في الانتخابات البرلمانية تصويتاً وترشيحاً، اكتست شوارع كوبنهاغن يوم الجمعة الماضي بكل الألوان الأنثوية وغلب عليها اللون الأبيض. هو لون الثياب الذي خرجت به النساء في يونيو/ حزيران 1915 بما يشبه ثورة لفرض تعديل دستوري يمنحهن حق المشاركة بعد عشر سنوات من منحهن الحق ذاته في الانتخابات البلدية 1905.
كانت المرأة الدنماركية حينها حبيسة المزارع وبيوت الإقطاعيين والمعامل، يرفض الرجال مشاركتها بذرائع عديدة تشبه كثيراً ذرائع بعض دول العالم الثالث والعالم العربي حول "المكان الأفضل للمرأة هو تربية الأطفال والقيام بواجباتها المنزلية".
في هذا العام أحضرت ملكة الدنمارك عائلتها إلى برلمان بلادها في كوبنهاغن فيما ارتدت ثيابها التي صممتها بنفسها لتحتفي مع نساء بلدها بحقوقهن.
تجمع عشرات الآلاف حول البرلمان وأغلبهن نساء من كل الأعمار يحيون ملكتهم التي جلست على كرسي على درج البرلمان حيث خاطبتهن مثلما خاطبت شعبها عبر القنوات التي نقلت كلمتها، وهي تؤكد ضرورة التمسك بالنظام الديمقراطي ومكتسبات الحقوق التي وصلت إليها النسوة باحتلال 40 بالمائة من مقاعد برلمان بلدهن.
وذكّرت الملكة مارغريتا الثانية النساء اللاتي مررن أمام مدخل البرلمان في مسيرة تشبه تلك التي قُمن بها قبل مائة عام ليتجمعن في ساحة مدخله، ذكرتهنّ بقصص عن عائلتها وعن معارضة الذكور لحقوقهن وسط ضحكات عالية من التهكم على ما عاشته البلاد في تلك الحقبة من دون أن ينتقص ذلك من تقدم وتطور بلدها وسط إعجاب وتصفيق الآلاف للملكة.
فيما جلست رئيسة الوزراء الدنماركية هيلي تورنينغ شميت على يمين الملكة وعلى يسارها رئيس البرلمان في رمزية لا تخلو من تعويل البلاد على المساواة. وتُعتبر شميت شخصية محبوبة عند نساء شعبها كونها الأولى التي تصل إلى مركز رئاسة الوزراء بعد مائة عام من النضال، خصوصاً في هذه المرحلة الانتخابية الحساسة التي تسعى فيها شميت للاستمرار بملء سدة رئاسة الوزراء بعد انتخابات الثامن عشر من هذا الشهر.
وهي تراهن على نساء بلدها للتصويت لها بكثافة لتستطيع منافسة لارس لوكا راسموسن الذي يُنظر إليه كوريث لحكم الإقطاع في البلاد.
وعلى الرغم مما وصلت إليه النساء من حقوق بعد 100 عام، لا تزال الحركة النسوية في الدنمارك تعتبر حقوقهن منقوصة حين تقارن أوضاعها بأوضاع فنلندا وغيرها من الدول من حيث اعتلاء المناصب والمساواة في الأجور أسوة بالرجال والمدراء.
وبهذه المناسبة دعيت نساء من مختلف دول العالم للحضور إلى كوبنهاغن والاطلاع على نضال المرأة في سبيل حقوقها، وقد لوحظ وجود وفود عربية من مختلف البلدان، من المغرب وتونس ومصر وفلسطين واليمن وغيرها.
وقالت بعض المشاركات: "حقوق المرأة ونضالها عالمي ومشترك. وكم سيكون جيداً لو تصل بلداننا إلى مستوى الوعي بأهمية مشاركة نصف المجتمع في صياغة تقدمها وتطورها". وهو ما عبّرت عنه الحقوقية التونسية بسمة السوداني وشاركتها الرأي بقية الوفود العربية، وذلك لما شاهدنه من مشاركة المرأة في تقدم ورفاهية المجتمع الدنماركي.