مع الشتات الذي تعيشه الدول الاسلامية جغرافيا و مذهبيا وتنظيميا و فكريا, ارتضت كل دولة ان تبتدع لنفسها نمطا عيشيا, اجتماعيا و ثقافيا بغية تحقيق اهداف خفية ومقننة. في المملكة العربية السعودية مثلا, وبحكم تواجدها في ارض النبوة, و عاهلها اباح لنفسه ان يحمل لقب خادم الحرمين, نجد انه من الطبيعي ان يمسك زمام امور رعيتة محافظا على ارثهم التاريخي . لذا نجد في المملكة ان الصلاة هي عمود الدين فيها, وذلك بسبب نشأتهم بالقرب من الكعبة الشريفة والمسجد الحرام. وعليه فان نرى امواجا من البشرية كبارا و صغارا تصلي في هاتين المعلمتين امر عادي. رغم انه من القائلين ان الصلاة في المملكة مرتبطة بموسم الحج و العمرة المحركين للاقتصاد السعودي قبل وبعد اكتشاف النفط. الامر يسري كذلك في فلسطين – القدس- لكن مع اضافة نكهة الجهاد والمقاومة واطفال الحجارة التي يتميز بها قاطنوا هذه البلاد, الا انه ولاعتبارات سياسية وجب على الساكنة هنالك الاحتفاظ على الصلاة بغية تحقيق الارتباط بالارض. وتجدر الاشارة انه كلما ابتعدنا من المساجد السالفة الذكر الا وقلت درجة الصلاة عند الناس, ما يجعلهم يهتمون بركن اخر من التعبد. في موريطانيا والمناطق المجاورة يعد عندهم شرب الخمر من الكبائر و ان تعاطيه يقزم شخصية المرء عند الناس. اما الصلاة فهي موجودة لكن بصيغة اخرى. الوضوء لاجلها لايكلف المصلي سوى ان يتمرمغ في الرمل, او ان يضرب يده على الحجر رغم وجود الماء. وبحكم تواجده بعيدا عن مناطق الحجاز وقربه من اوروبا و الغرب , فمن الطبيعي ان يطرأ على المغرب عدة تغييرات ثقافية ودينية و اجتماعية يسهل معه الثأتر بالعواصف المجاورة. فلا هو الان مسلم مائة بالمائة و لا هو العكس, لهذا نجده يتخبط في مشيته, تارة يسير بخطى الحمائم واخرى يسير مشية النعامة و حين يختلط عليه الامر يتوقف تماما عن الحركة. يظهر ذلك جليا حين يصاب بازمة من قبيل فيلم \" الزين لي فيك \" او ما تم صنعه في رحاب مسجد حسان من لدن نساء فيمن, او ما اقدمت على فعله جنيفير لوبيز في موازين, و اخيرا ما يقع من ضجة بسبب تنانير فتاتي انزكان. فالتحكيم المرتجل في مثل هذه الامور يزكي فرضية المغرب بلا هوية. فلا النائب العام و لا الحكومة قادرين على التفرد والاسمتمتاع بفرض سلطتهم في المواضيع ذي صلة. الغريب في الامر حين نرى الحكومة في موقف يتير الشفقة, فلاهي تستطيع الحكم ولاهي قادرة بالخروج بموقف صريح وشجاع, كما هو الشان في ما اعلناه انفا. ما ينفرد به المغرب هو عبادة رمضان. فخلال هذا الشهر المقدس, ترى حياتهم كلها تناقض. قبيل دخوله تجد الناس يستعدون اليه وكأنهم يحضرون لعرس زواج, يهيئون للبطون كلما تشتهي انفسهم. في اليوم الاخير من شعبان, يخرج الجميع لمراقبة الهلال, يسائل بعضهم البعض عن ثبوت رؤيته من عدمه, ومن الناس من يعتكف امام التلفاز الى ان يتلقى الخبر اليقين ويخبر به كل من له صلة به. فلا تكاد تبريكات الناس فيما بينهم تنتهي حتى تبدأ المعارك في كل مكان. في الاسواق, في الشوارع, في الادارات وفي الطرقات ... خلال النهار \" المطايفات \" بالجملة. النوم و \" السليت \" من العمل عناوين كبرى يتم الاعتماد به وسط العمال و الموظفين. ويعتبر التحرش على النسوة او ارتدائهم للباس الغير المحتشم جريمة لاتغتفر يضيع معه الصوم لمرتكبيه. قبيل الفطور ببضع دقائق يقوم الكل من مكانه, يخرجون من الكهوف و الخنادق ينتضرون صفارة الحكم النهائية, ليبدأ فصل اخر من الحياة. فمع امتلاء البطون, يتسارع الاغلبية الى المساجد يجررون وراءهم كل العائلة باطفالها ونسائها الحوامل و حتى الجدات, فتمتلئ المساجدعن اخرها. مع انتهاء صلاة التراويح ( ينتهي وجود الله عندهم ) فتعود الحياة الى مجراها الطبيعي.