في وقت لا تزال فيه المرأة في كثير من دول العالم والمنطقة تعاني من التمييز سواء في التعليم أو الحصول على العمل أو المشاركة في صنع القرار، فإن المرأة في الإمارات تعيش عصرها الذهبي أو تكاد.
وقد اختارت الأمم المتحدة أن يكون أحد أهم أهدافها في الألفية الحالية هو خلق التكافؤ بين الجنسين من أجل المشاركة في التنمية وبناء المجتمع وإنهاء أشكال التمييز ضد المرأة، فالاختلاف البيولوجي لم يعد مبرراً مقبولاً للتمييز ضد المرأة، خصوصاً بعد أن أثبتت نجاحات كبيرة في جميع المجالات بلا استثناء.
في الإمارات نجحنا في أن نكسر «السقف الزجاجي» على الرغم من محاولات البعض وضع سقف لطموح المرأة وحدود لأحلامها، إلا أن المرأة الإماراتية نجحت في أن تقفز إلى المستقبل من خلال دعم الرجل لها والدعم الرسمي، وقبل ذلك بفضل حماسها ومهارتها الفائقة التي أثبتتها على مر السنين لتؤكد أنها كانت الشريك الطبيعي للرجل في مواجهة تحديات الماضي، وهي اليوم معه في جهود البناء والتنمية والتخطيط للمستقبل.
في حكومة دولة الإمارات اليوم أربع وزيرات، وفي برلمانها سبع عضوات يشاركن بشكل فعال في المجلس الوطني الاتحادي، وتتوزع في قارات العالم سبع سفيرات وقناصل من بنات الإمارات يؤدين أدوارهن بكل ثقة واقتدار.. بل أصبحت المرأة الإماراتية تشغل 30% من الوظائف القيادية العليا في الدولة.. وهذا الوضع المتميز للمرأة لم يكن ليتحقق لولا إيمان القيادة والرجل الإماراتي بأن المرأة لها دور كبير يجب أن تؤديه في المجتمع.
ولتأكيد تلك الرؤية صدر منذ أسابيع القرار بتأسيس «مجلس التوازن بين الجنسين» في الإمارات برئاسة الشيخة منال بنت محمد بن راشد آل مكتوم حرم سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة. ويأتي هذا المجلس ليجعل من تمكين المرأة أمراً ممنهجاً ومنظماً ومخططاً له بشكل علمي ومستدام، فمن أهدافه تقليص الفجوة بين الرجل والمرأة في قطاعات الدولة وتحقيق التوازن بين الجنسين في مراكز اتخاذ القرار وتعزيز مكانة المرأة في تقرير التنافسية العالمية، وتعزيز دور المرأة كشريك في صنع المستقبل وقيادة مسيرة التنمية، وكل هذه الأهداف بدأت بها القيادة منذ عهد المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، الذي أسس دولة الإمارات دون تمييز بين رجل وامرأة، بل أعطى المرأة الدعم الكامل، وجاء من بعده صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، ليؤكد هذا النهج، ويمكّن المرأة في جميع المجالات. ففي عهده وصلت المرأة إلى البرلمان وأصبحت سفيرة ودبلوماسية ووزيرة، وجاء قرار صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، ليضع الأسس العلمية والمنهجية لتمكين المرأة وخلق التوازن بين الجنسين من خلال إنشاء مجلس التوازن بين الجنسين الذي يترجم بشكل عملي طموحات أم الإمارات سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك حفظها الله التي كانت المرأة الإماراتية والأسرة الإماراتية هما همها الأول وشغلها الشاغل ولا يزال.
بالإضافة إلى الأهداف السابقة، وضع المجلس هدفاً مهماً وهو تعزيز التكامل بين دور المرأة في ميادين العمل ودورها كمربية للأجيال وعماد للأسرة، وهذه النقطة الأخيرة في غاية الأهمية، وبحاجة إلى «ميزان» حقيقي، ففي دولة كالإمارات المرأة فيها شريك حقيقي، ولا تختلف عن الرجل في متطلبات العمل والإنجاز، وهذا يحتاج من المرأة إلى الوقت والجهد، وبالتالي أصبح من المهم وبموجب القانون أن تحصل الأم العاملة على التقدير أولاً وعلى حقوقها كفرد في المجتمع يقوم بدورين الأول خارج المنزل في خدمة الوطن والآخر داخل المنزل في تربية أبنائها، وهو دور لا يقل أهمية عن الأول.
لقد كانت المرأة الإماراتية وستبقى هي العمود الأساسي في المجتمع وفي تربية الأبناء وفي الاهتمام بالأسرة. فالمرأة ليست نصف المجتمع وإنما هي المجتمع كله، وهي أساس المجتمع، فإن كانت المرأة والأم بخير وتحصل على حقوقها وتمارس دورها الطبيعي في المجتمع، فبلا شك أنها ستنتج جيلاً من المواطنين الصالحين المتميزين يمكن الاعتماد عليه في مواصلة بناء الوطن وحماية منجزاته، وإيجاد التوازن بين دورها كأم وكامرأة عاملة، وهو الأهم حتى نحصل على مجتمع صحي ومتوازن ووطن قوي، لذا ونحن في طريقنا لإيجاد التوازن بين الجنسين، يجب ألا نغفل عن إيجاد التوازن بين دوري المرأة «عاملة وقيادية، وأم ومربية».. حتى لا نصل إلى مرحلة نكتشف فيها أننا أخذنا من المرأة ومن الأم العاملة ما نريده دون أن نعطيها ما تحتاج إليه.
المجتمع بحاجة دائمة إلى أشخاص متوازنين سواء رجلا أو امرأة، وبما أن المرأة تتحمل العبء الأكبر، فإن من حقها أن تحصل على التوازن، وأن تكون القوانين معها، فبقدر ما تساعدها على أن تكون قيادية ناجحة ومتألقة، يجب أن تساعدها على أن تكون أماً وزوجة ناجحة ومتألقة أيضاً.