فشلي في ايجاد الوصفة الناجحة لمشكلة زواجي، جعلني اخجل امام اصدقائي المتزوجين كلما فتحوا نقاشا حول هذا الموضوع. رغم وضعي القوي بينهم في ميادين اخرى, اجد نفسي معهم هنا مقزم اللسان، منحنيا الراس، جاحض العينين كالمغشي عليه من الموت ، اعيش بينهم محتقرا نفسي العن ذلك الحظ السيئ الذي يرافقني، شعور بئيس يورقني ليلا فاتحا المجال لاعضائي المكتوية بنار العشق لتفرز احاسيسها التي تؤلمني وتسبب لي صداعا نفسيا و جسديا. احاول دوما ان اهدئها بحقنات من زمن الذكريات الجميلة القليلة التي عشتها بسبب تسارع مراحلي العمرية و التي وشحتني باكرا وسام الرجولة ، الا اني آجد فيها ما يلطف اجواء مشاعري و اهدئ بها اعصابي, لذا لم اكن اجد لنفسي بد من ان اعود بمخيلتي الى ذلك الزمن الماضي لامتص من خلاله رحيق الهوى الذي اصبحت افتقده وسط هذه الادغال الغادرة. اتذكر ذلك اليوم الجميل الذي مدتني خلاله عائشة بعضا من السجائر من دكانها البسيط . وبنضرات متفائلة ووجه مبتسم قالت ان الزهرة في انتظارك هذه الليلة امام منزلهم فلا تخلفن الميعاد. كانت المفاجئة سارة و الطلب رخيص مادمت اانها سهلت علي اتعاب القنص و الجري ورائها لايام و ليالي. كيف لي الا ابدو مرحا والفريسة اتت الي بلا مضيعة للوقت والدخيرة, كنت في الزمان و المكان المحددين، الا ان طابع و هندسة هذه القرية استوجب مني توخي الحدر لان المنازل هنا متناثرة وكل من يحوم حول احداها يعتبر لصا وان هدر دمه حلال. كاد كلب والديها ان يجن بكترة النباح لما اشتم رائحتي, فلولا تدخل الزهرة الذي اسكتته باسلوبها الخاص مشيرة اليه باني صديق العائلة لاستفاق الجيران كلهم . رغم هذا التدخل النبيل احسست بالخوف يتملكني ولا هو يريد مغادرتي , بحكم عدم معرفتي لهذه الانواع من التجارب . لذا تجنبت الطريق واتيتها من وسط الاشجار والاشواك التي خدشت اجزاء كثيرة من جسمي وامتلات بها ملابسي ، احسست اني اعيش موقف قيس, مجنون ليلي لما اخد النار بيده وما شعر. تلك الحالة التي كنت فيها ابهج الزهرة واثلج صدرها متلقة صرخة خفية من الضحك, فيما انا كنت جالسا اتنفس الصعداء و اجني الاشواك من جسدي. مرحلة الشباب لاشئ اغلى فيها واقدس من الحب، قد يدفع الشاب عمره كله من اجل هذه العاطفة النبيلة. ولعل التاريخ كفيل ان يدكرنا بما صنعه بالعاشقين وما جنى عليهم مـــــن الويلات، واول تلك الحكايات ما اقدم على فعله ابن النبي آدم لما قتل اخاه هابيل من اجل الظفر باختهما. دون ان ننسى قصص كل من جولييت وروميو، عنتر وعبلة فقيس وليلى ... صحيح ان لكل منا قصة من هذا النوع، الا انه ومن سوء حظنا لانمــلك من الوسائل, مايؤهلنا لنسير على درب هؤلاء المشاهير ونبصم في كتب التاريخ روايات جملية مدونة يقراها الاجيال القادمة. بعد ان تنفست الصعداء وجنيت من جسمي ماتبقى من الاشواك ، احسست بجرعة زائدة من الشجاعة غمرت جسمي, جعلتني استقي مزيدا من التقة و الشجاعة وبهما لا اود مضيعة ما تبقى من الوقت في المتاهات. خوفا من ان يطرا اي موقف يعيدني الى بيتي بخفي حنين.,او لربما تستغل الزهرة اي سكون محتمل وتنفر مني وتذهب كل تضحياتي ومتاعبي سدى, لذا قمت من مكاني نحوها حيت كانت متكئة على شجرة من زيتون، فسرت اعانقتها على الفور ,غصت معها في المداعبات الحميمية ، امطرتها بعشرات من القبلات على سائر وجهها وكان الفم اكثر الاعضاء الذي نال حصة الاسد من هذه القبلات الحارة. كانت بدايتها مخجلة ,لا تتجاوب مع الوضع الحالي ولاتبادلني اي من الحركات، لكني كنت احس انها تستمتع وتستانس بكل هذه اللقطات الرائعة.، حاضرة بكل مشاعرها, مرتاحة جدا بدليل انها وبعد ان فاض قلبها حبا, تهاوت من السماء وسقطت ارضا ، جرتني وضمتني نحوها, فساد الصمت بيننا ولم نعد نتحاور سوى باشارات ورموزالهوى لايفقهها الا مثلنا من العشاق. هذه الصورة العاطفية والزلزالية تلاعبت بعقولنا الفتية وادخلتنا في نفق مظلم حيث كدت فيه ان اتسبب في كارتة غير محمودة العواقب لولا ان رايت برهانا من ربي, ادنى من برهان ربي يوسف ابن يعقوب النبي المستعصي والمتعفي. تهنا كثيرا في هذا الوضع الغريب و العجيب ولم تستفق منه الا بعدما احسسنا بمياه المداعبات تسقي فخدينا و ثيابنا, بذلك السائل المنوي اللعين الذ اشعل فينا لهيبا وبركانا عاطفيا. وقوف الزهرة الصامد بلا خوف ولا توثر يندر بانها ربما قد مارست وتآلفت مع هذا النمط من الاسلوب، لاكني لم اكن ابالي للموضوع طالما العرض كان مجانيا وبلا تكاليف.