عام حكم الرئيس المعزول محمد مرسي، طبقًا لاحداثيات التاريخ من أشد الأعوام قتامة التى مرت بتاريخ مصر الحديث، تداعياته لم تقتصر على النواحى السياسية، بل امتدت إلى الجوانب الأخلاقية.. وتجرعت نساء مصر وفتياتها وأطفالها كأس الحصاد المر لهذا العام. فقد رصدت جميع الدراسات التقريرية والتحليلية ارتفاع معدلات التحرس الجنسي ضد النساء والأطفال، المفارقة أن غياب الجانب الأخلاقي لدى البشر تجسد بوحشية مفرطة، خلال حكم جماعة اتخذت من الدين ستاراً لإخفاء عورتها السياسية. المفزع فى الأمر، هو بلورة هذه المشاهد على وضع مصر من ضمن العواصم الخطرة لإقامة المرأة.
دراسات وإحصائيات صادمة
تفشي الظاهرة دفعت وكالة "رويترز" لرصدها دوليا بشكل عام وعربيا بشكل خاص، وأكدت دراسة لمؤسسة "تومسون رويترز" أن مصر هي أسوأ مكان تعيش فيه المرأة مقارنة بالدول العربية الأخرى، وأشارت الدراسة إلى انتشار التحرش وختان البنات.
وقالت منظمة" هيومن رايتس ووتش" -في بيان سابق لها- أن نحو مائة حالة اعتداء جنسي ارتكبت في ميدان التحرير وذلك على هامش التظاهرات التي كانت تطالب، بتنحي الرئيس محمد مرسي. فيما رصدت مبادرة "شفت تحرش" 65 حالة تحرش خلال الاحتفال بموسم الأعياد وتحديدًا عيد الفطر والأضحى.
فتاة التحرير والطفلة زينة
حالتان كانتا محور اهتمام الرأي العام فى هذا الملف الشائك، وهما، واقعة التحرش الجماعي بفتاة فى التحرير، ومقتل الطفلة بورسعيد "زينة "
الضحية الأولى ياسمين البرماوي الفتاة التى لم تستمل عقدها الثالث، تعرضت لاعتداء جنسي جماعي –وحشي- أثناء مشاركتها في المليونية التى خرجت عقب الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس المعزول محمد مرسي، وأثناء إطلاق قوات الأمن المركزي قنابل الغاز المسيل للدموع بكثافة وقعت "ياسمين" على الأرض، وسحلها المعتدون وتحركوا بها إلى شارع محمد محمود، مع التحرش بها و تمزيق ملابسها بالمطاوي.
ووضعوها أعلى عربة مدعون وقتها أنها مفخخة بقنبلة انفجار، ولولا تدخل أهالى منطقة عابدين ربما كانت لاقت مصير الطفلة "زينة "،
طفلة بورسعيد "زينة عرفة ريحان" احتفلت بيوم مولدها الخامس قبل يوم من دخولها القبر مع اليوم الأول من عامها السادس، اختفت لساعات فبحثت عنها أسرتها، تبين بعد ذلك مقتله على يد وحشين تجسدا لها فى صورة بشر، تناوبا عليها الاغتصاب، وتم إلقاء جسدها الملائكى من فوق سطح العمارة والتي شهدت الجريمة الوحشية.
فزع بالشارع المصري
الظاهرة باتت مفزعة وتبعث على القلق والتربص تراه فى عين كل من حدثها فى هذا الأمر، بمجرد ذكر كلمة "تحرش" تنفجر النساء بسيل من الاتهامات للشعب والدولة.
وقالت أمل زايد – عاملة بمصنع ملابس – الظاهرة لم تعد ترحم لا النساء ولا الفتيات ولا الأطفال، وروت لنا قصة طفلها طالب الابتدائي، الذي تعرض لواقعة تحرش على يد أستاذ الفصل بمدرسته، واستغاثة بالدولة لوضع قوانين تحمي الجميع من ظاهرة متفشية.
من جانبها ريهام زايد - طالبة فى كلية السن عين شمس-، قال: "لو سبب التحرش هو الأسلوب المبالغ فيه من الفتاة في ملابسها أو طريقة تعاملها، فلماذا امتدت الظاهرة لتطول الأطفال"؟
وتروي ماريا موريس، حادث تحرش تعرضت له " أثناء ذهابى إلى الجامعة صباحًا تعرض لي شاب فى عمر 20 وقام بسبي بأبشع الألفاظ لارتدائي بنطلون وبلوزة وعندما قولت له "أنا حرة انت بتبص عليا ليه؟"، قام بلمس جسمي فتجمع بعض الأشخاص عند صراخي في وجه الشاب وعند حديثي عن الموقف قالو لي "تستهلي" وتركو الشاب.
وعند سؤال مي إبراهيم طالبة في الثانوية العامة، عن أنواع التحرش الذي تتعرض له قالت: "الشباب يبتكرون كل يوم نوع جديد، فعلى حسب الأحداث تختلف طرق المعاكسات منهم من يقوم بلمس الفتاة دون أن تشعر، ومنهم من يقوم بالتحرش لفظيًا بأبشع الجمل والعبارات، أما الآن فيعتدوا على الأطفال، وخاصة الفتيات منهم لاغتصابهن بسهولة".
العنف الجسدي
التحرش الجنسي لا يقل خطورة عن العنف الجسدي الذي باتت تتعرض له النساء، على جميع المستويات، هذا ما أكدته منال حمدي، بعد سؤلها عن العنف الجسدي الذي تتعرض له المرأة، فكانت الإجابة "العنف الجسدي أنا بشوفه كل يوم أنا بشتغل وبربي الأطفال وبقف في المطبخ، و مطلوب منى أن أعجب جوزي آخر اليوم، ولو معملتش كدا هيطلقني ويشوف غيري، لو كانت المشكلة عنف جسدي بس تبقى هينة".
صمتت قليلا قبل أن تجيب عن أسئلتنا عن حال المرأة الآن، وحين تكلمت لبنى عبد الله: "محدش حاسس بينا دايمًا في الشغل مذلولين وفي البيت متمرمطين، أنا لو عليا ما اشتغلش وأقعد في البيت بس يا ريت ينفع، البلد كلها بايظة ومافيهاش حاجة عدلة أبدًا والناس دايمًا بتحبط مننا، تلاقي حد يقولك لا أنتى متقدريش تعملي كدا وخلي الراجل يعمل رغم أن أحنا بنشتغل ونربي العيال ونذاكر لهم، وبنهتم بالبيت وبعد كل دا يتقال علينا أننا درجة تالتة.