وردني استفسار من إحدى المراهقات تسأل عن وضع من تعرضت للضرب المبرح خلال طفولتها، وعلى الرغم من علم والدتها بذلك، إلا أنها لم تنقذ الأطفال من بطش أبيهم، واستمرت في حياتها مع هذا الرجل العنيف، وقد نتج عن ذلك كره الأطفال لوالدتهم التي لم تسعفهم وظهرت عليهم سلوكيات غير سوية في مراهقتهم، ومنها محاولات الانتحار المتعددة وإيذاء النفس.
واليوم أنشر جزءاً من الرد على الاستشارة آملاً أن يستفيد عدد أكبر من الإجابة. طلبت من الفتاة أن تعيد النظر في حياتها وتدرك أن الأرق وفقدان القدرة على الاستمتاع والكره تجاه الآخرين والضيق والبكاء جميعها أعراض باتت تؤثر على وظائفها الحياتية ومستقبلها. وهي نتاج الأحداث المؤلمة في طفولتها مصابة «بالاكتئاب». ومن الضروري العلاج. ونصحتها بزيارة طبيب نفسي لإعطائها أدوية مضادة للاكتئاب. فإن الاكتئاب يحتاج للعلاج الدوائي والنفسي وبإذن الله يكون فيه الشفاء.
وأيضا عليها إيجاد متخصصين للتخلص من سلوكيات «إيذاء النفس». وهذا النوع من العلاج يسمى «العلاج الجدلي السلوكي». يساعد في التخلص أو تقليل من السلوكيات غير السوية التي تدفع الإنسان لإيذاء نفسه. فإيذاء النفس مرتبط بشكل وثيق بالذين تعرضوا للضرب المبرح أو الاستغلال الجنسي في طفولتهم.
وأود أن ألفت الانتباه لمفهوم الكره والحب. فإن ما مرت به السائلة ليس بالأمر السهل. فالوالدان اللذان من المفترض أن يكونا الأمان للأطفال تحول أحدهما إلى «وحش ضارب» والآخر إلى «شبح ناظر». ولا أعتقد أن كره الأم سوف يساعدها في التخلص من الذكريات الحزينة. علماً بأن الكره الموجود في قلب الإنسان يحرق الشخص نفسه.
أنا أقدر مدى إحباطها بعدم مساعدة أمها لها ومدى تأثير ذلك على حياتها. وقد نصحتها أن تدعو لها وتحسن من علاقتها معها فالأم والأطفال كانوا سيان يمارس الأب سلطته العنيفة عليهم بضربهم أمام أعين بعضهم البعض. فهم تعرضوا للعنف بسبب ضعفهم.
وختاماً «أذكرك أنك ستكونين أماً يوماً، فدعاؤك لأمك في صلاتك سيكون سنداً لك لتكوني أما صالحة، لا تعيدي ما فعلته أو ما لم تفعله لك ولإخوتك بسبب قلة حيلتها».