أعلم أنه تم الحديث مطولاً عن طبيعة التهاني في الأعياد وتقليديتها لدرجة أنها باتت تصلنا رسائل جامدة باردة لا ذوق فيها ولا روح، رسائل نعلم أنها مكررة، بل ربما وصلتنا من أكثر من شخص، تحمل صيغة ولوناً وتصميماً هو نفسه، وكل الذي جرى فعله هو النسخ ثم الإرسال لجميع من لديه في قائمة الأرقام المحفوظة في جهازه.
طبيعة العيد دوماً ثمينة، وهي مناسبة فريدة بكل ما تعني الكلمة، لا أعلم لماذا يتم إفساد فرحته ومناسبته بمثل هذا الهبوط والتواضع في التعبير عن الألفة والمحبة، من دون شك إن التقنيات الحديثة باتت تسيطر على حياتنا وعلى كل مفاصل يومنا، ومن البديهي أن نستخدمها في مثل هذه المناسبات، لكن أن يصل الحال لأن يجري وضعها بهذه الآلية بمعنى أن تصلك تهنئة، ومن أرسلها لم يكلف نفسه حتى عناء تعديل التوقيع، فهذا أعتبره قمة في التواضع في التعبير بهذه المناسبة العزيزة علينا.
جولة واحدة، وقد خفت العيد، على أرشيف الرسائل لديك، واسأل ما الرسالة التي بقي أثرها في قلبك؟ أحسب أنك لن تجد، بل أعتقد بأنك لن تكلف نفسك عناء حتى التفكير والبحث لأنك منذ البداية لم تتوقف عند أي من تلك الرسائل.
أعود للتأكيد بأن مناسبة جميلة وبهيجة مثل العيد، لا يمكن أن نفسدها بالاعتياد والروتين بتهنئة جامدة لا قيمة فيها ولا شعور ولا حتى روح أو ذوق، نعم مع التقنية لكن من دون أن تفسد جوهرنا وبهجتنا، من دون أن نسيء استخدامها بحجة الانشغال والوقت الضيق حتى في العيد السعيد، وكل عام وأنتم بخير