مر عقد من الزمن تقريبا على الوجود المؤسسي للمرأة السعودية في التليفزيون السعودي كمعدة برامج ومقدمة ومراسلة بل وكضيفة لا تفارق كثيرا من البرامج. هنا وجدت نفسي أمام معضلة هل أقوم بنقد الجهاز أم بنقد المرأة في التليفزيون كحالة خاصة؟. هذا السؤال يحمسك للتخلي عن النقد المغلف بالشوكولاتة الذي عادة ما يصاحبنا في حديثنا عن المرأة استجابة لتلك الحساسية منا ومنها.
يمكن القول وبمباشرة ودون مجاملة إن حضور السيدة السعودية في تليفزيوننا العزيز لم يتجاوز ثقافة الصورة أو (الشرط البصري) للتعبير عن وجود المرأة والاهتمام بها.
سأكتب في ثلاثة محاور تجلي الفكرة وهي قضايا وأفكار للمرأة وقضايا وأفكار عامة ثم لغة الجسد الإعلامية. ففي المحور الأول أخفقت المرأة في معالجة قضاياها الخاصة من منبر التليفزيون رغم زخم هذه القضايا في منابر إعلامية محلية أخرى ومنها الصحافة حيث تفوقت المرأة الكاتبة على المرأة التليفزيونية في عرض ومعالجة مشكلاتها، وقد يعود ذلك لوهم يحوز على تفكيرها وظنها أن ذلك يقلل من مكتسبات حضورها أو لغياب المرأة المفكرة التي يمكن أن تعالج مثل هذه الإشكالات بصورة مرئية، فتدع المجال للرجل ليقوم بالمهمة بالإنابة. أما الرجل التليفزيوني فما زال أسيرا للسياق التاريخي المبالغ فيه الذي يظهر تفاجؤه بأي منجز حديث للأنثى فتصفق المرأة لذلك وما درت أن الإساءة هنا أكثر من الإحسان.
قضايا الأسرة والتكوين التربوي والثقافي للنساء، الاستهلاك واختطاف السوق للمرأة، تفكير الجيل الجديد من البنات، كل ذلك وغيره يغيب فعليا أو مهنيا لتحضر قضايا المرأة النخبوية ذات المكتسب الجاهز وتسيطر على مجمل البرامج لتبث اهتماماتها النرجسية.
وفي القضايا العامة التي قد تتداخل مع الثقافات الأخرى، نجد ضعفا في الطرح، حتى أصبحت المرأة السعودية تليفزيونيا تنتظر من يبادر لتمارس مهام ردة الفعل والدفاع الخافت المرتبك الذي لا يبث قيما فاعلة. هل رأينا -مثلا- مبادرات ثقافية لمعالجة استغلال المرأة وجسدها في الإعلان التجاري وقيادة المال لانتهاك المرأة انطلاقا من قيمنا؟ هل المرأة المحلية مشغولة فعلا باهتمامات أكبر؟ أين هي إذن؟
أما عن لغة الجسد الإعلامية فهي تخص بعضا من المنتسبات للتليفزيون وظيفيا ومهنيا، فالصورة تقول إن هذه المرأة تظل منشغلة كثيرا بالنظر (للمرآة) لا (للكاميرا)، وهي حالة من النشأة في (الحلية الإعلامية) غير مبينة في ثقافة أو فكر. إن المهنية وليس شرطا القناعة بالمبدأ تقتضي حضورا جسديا أكثر انسجاما مع مبادئ التليفزيون السعودي المعلنة حتى لا يصبح الفصام بين الإعلام والتعليم عادة سيئة -مستحسنة- في تفكيرنا وحتى نستطيع أن نعلم الأجيال الحرية الشخصية بطريقة أفضل وأكثر واقعية.
إن الأداء التليفزيوني للمرأة السعودية في جهاز وطنها غير ملائم بما يكفي مع واقع وتحديات وهموم وآمال بنات جنسها بكافة أطيافها. وليس المقصود البحث عما إذا كان ذلك بفعل فاعل أو فاعلة، بل التحدي يكمن في الاعتراف أولا.