الجريمة أياً كان مرتكبها هي فعل يستحق العقاب، نحن متفقون تماماً على هذا الجانب، لكن هناك مجرمين يتميزون عن غيرهم بأنهم بالإضافة لجريمتهم ألحقوا الضرر بأمور جوهرية تمس أناساً كثيرين، بل قد تمس مجتمعاتهم وأوطانهم. هناك عدة أمثلة وعدة شواهد في هذا السياق من بينها أرباب وأتباع ما عرف واصطلح على تسميته الإسلام السياسي، هؤلاء يلبسون رداء الدين ووقاره وهيبته وربانيته أمام الناس، ولكنهم يسخرون هذا جميعه لتحقيق هدفهم الرئيس في التسلط على الرقاب ونشر الفوضى، وفعلهم وما اقترفته أيديهم ماثل وواضح في عدة بلدان عربية.
أسوق مثالاً مما ذكر عن الازدواجية عند هؤلاء أنهم في فترة تعالت الأصوات لمقاطعة المنتجات الأمريكية ـ من حق الزبون أن يقاطع السلعة التي يريد ـ المهم أن أحد هؤلاء ومن على المنبر كان يحرم ويحث المصلين على عدم شراء أي منتج أمريكي، وعندما خرج من المسجد بعد انتهاء الصلاة، ركب سيارته الأمريكية الفارهة آخر موديل، ولا ننسى من سمى نفسه بالداعية الرباني الذي يشتم أمريكا والغرب ليل نهار، ونفاجأ أن بناته يدرسن في لندن.
ما يجب أن نعلمه أن هؤلاء مجرد طامحين طامعين وهم أبعد ما يكونوا عن الدين .. رحم الله عالم التفسير القرآني الشيخ محمد متولي الشعراوي، الذي قال «أتمنى أن يصل الدين إلى أهل السياسة، ولا يصل أهل الدين إلى السياسة». وأعتقد سبب هذه المقولة لأن للدين قدسية أعظم وأكبر من الجوانب الدنيوية، ويفترض على من يحمله التجرد والإخلاص وعدم التطلع لتحقيق مكاسب أو أرباح تتنافى مع قيم الدين الحنيف.