في أحيان كثيرة تمر بنا العديد من الأفكار، البعض من هذه الأفكار يعتبر مبدعاً وخلاّقاً وغير مسبوق، لكننا في غمرة السعي وعملنا الروتيني نحكم على تلك الأفكار بالموت والتلاشي، وفي الحقيقة فإن طبيعة تفكيرنا اليومي له دور كبير في مثل هذه الحالة، فنحن نذهب لأعمال محددة، والبعض منا لا يُطلب منه الابتكار بل هو غير مرغوب، ومهمته الوظيفية تقوم على إنجاز معاملات ورقية روتينية لا أكثر ولا أقل، فلا تتطلب أي جهد ذهني.
هؤلاء مع مرور الأيام والشهور والسنوات، يكونون قد حولوا آلية التفكير لديهم لشيء روتيني أيضاً، حكموا على عقولهم بالدوران في دائرة لا فكاك منها، هذا التفكير الاعتيادي الروتيني يجعل العقل رتيباً خاملاً لا يقوى على الاستنتاج أو التطلع أو الإبداع وتوليد الأفكار، وهذا لم يأت بسبب العقل وإنما بسبب من يحمله، فهو الذي أراد من عقله أن تكون إمكاناته وفق هذا الإطار لا أكثر ولا أقل.
بينما يوجد البعض الآخر متوثباً دوماً، عقله أشبه بالكمبيوتر الذي يعالج المعلومات ويضع الاستنتاجات، هؤلاء دوماً لا يستقبلون الكلمات والتوجيهات بل يحللونها ويحاولون تطويرها وتلافي عيوبها، فهم يشغلون العقل بالتفكير ليقوم بوظيفته الحيوية وهي توليد الأفكار وحل المشكلات.
ولو أمعنا النظر جيداً فإننا لن نجد فرقاً بين الفئتين سوى أن الأولى هي من قررت أن تصبح روتينيه عادية، والأخرى متوثبة مشتعلة، وهما في الحقيقة في نفس مستوى الذكاء والظروف.. وعلى الرغم من هذا فإن الفكرة لا فائدة منها إذا لم يتبعها عمل وتنفيذ لتطبيقها على أرض الواقع، وهذا تحدٍ آخر أمام الجميع، يقول المهندس والمخترع الأمريكي الشهير توماس إديسون «قيمة الفكرة تعتمد على استعمالها».