الارشيف / عالم المرأة / أخبار المرأة

المرأة الباكستانية مكافِحة حرائق للمرة الأولى

  • 1/2
  • 2/2

إسلام آباد ــ صبغة الله صابر - " وكالة أخبار المرأة "

شاذية بروين (25 عاماً) من مدينة ملتان في إقليم البنجاب الباكستاني، هي أول فتاة تنضم إلى فرق الإطفاء في مؤسسة الإسعاف الباكستانية الوطنية (1122). تواجه بروين الكثير من العقبات الاجتماعية الناجمة عن الأعراف والتقاليد السائدة في البلاد. ومع ذلك، تعمل الشابة على مدار الساعة إلى جانب زملائها الرجال. وتحظى بدعم متواصل من أسرتها، وهو ما يخفف عنها صعوبات العمل، ويؤدي إلى استمرارها بنجاح في مجال قلما يقبل الرجال حتى عليه.
درست بروين الهندسة وحازت شهادة البكالوريوس في جامعة ملتان. لتترك بعدها الدراسات العليا، من أجل عمل لطالما رغبت فيه منذ طفولتها، وهو ميدان الإغاثة ومواجهة التحديات المختلفة. حاولت مراراً الانضمام إلى فرق الإغاثة في مؤسسة الإسعاف الوطنية لكن جميع جهودها باءت بالفشل. إلى أن جاء عام 2012، وفيه كانت شاذية من بين 600 متدرب ومتدربة في الأكاديمية التابعة لمؤسسة الإسعاف الوطنية. وبعد تلقي تدريبات استمرت سبعة أشهر، تم اختيارها كفتاة وحيدة من بين المقبولين في فرق الإطفاء ومكافحة النيران.
ولدت شاذية في بيت ضابط عسكري بقرية وهاري الفقيرة في ملتان. واجهت في بداية عملها صعوبات مختلفة لكنها أصرت على مواصلة المسيرة بمساعدة العائلة. وتقول: "أشعر بفرح شديد عندما أعمل لخدمة المواطنين. نعم، العمل شاق وصعب، وما يصعّب الأمر أكثر البعد عن الأسرة والعمل بين الرجال. أنا امرأة وحيدة أعمل في فرق الإطفاء، لكن آمل أن أكون قدوة لنساء البلاد، كما آمل أن تتوجه الفتيات أكثر نحو هذا العمل".
وتضيف: "كنت أشعر بخجل عندما كان الناس ينظرون إلي باستغراب شديد وأنا أعمل بين الرجال. لكن بمرور الأيام أصبح الأمر مألوفا بين الناس، بل إنّ الكثير من الفتيات الآن يرغبن في هذا العمل".
في المقابل، يقول مسؤول مكتب الإسعاف في مدينة ملتان فرزند سيد إنّ بروين كونها الفتاة الوحيدة في فرق إخماد الحريق هي في أعلى درجات الاعتماد على النفس والثقة والانضباط. ويشير إلى انّها لا تتأخر عن أي مهمة، ولا تقبل الهزيمة أبداً. ويضيف أنّ ثقتها الكبيرة بنفسها هي التي دفعتها إلى اختيار هذا المجال، في مجتمع تواجه فيه المرأة أشكالاً عديدة من الاضطهاد. ويتابع: "مهامها بالذات لا تخلو من مخاطر عديدة، لكنّ شاذية قبلت بكلّ تلك المخاطر، وتواصل عملها من دون خوف، لذا هي بحق قدوة لجميع نساء باكستان".
وصحيح أنّ شاذية بروين المرأة الوحيدة في فرق الإطفاء، لكنها ليست الوحيدة في مؤسسة الإسعاف وفرق الإغاثة المتنوعة. بل هناك مئات من النساء والفتيات اللواتي انضممن خلال الأعوام الماضية إلى مؤسسة الإسعاف الوطنية، والمؤسسات الخيرية، التي تعنى بالأعمال الإغاثية. وتخرّج الأكاديمية التابعة لمؤسسة الإسعاف الوطنية عشرات الفتيات سنويا في مختلف المجالات، ليعملن بعد ذلك في المؤسسة نفسها أو في مؤسسات أخرى تعنى بالأعمال الإغاثية.
من هؤلاء نوشابه، وهي فتاة من إقليم جلجت بلتستان، شمال باكستان. انضمت نوشابه إلى فرق الإسعافات الأولية في مدينة راولبندي بعد تخرجها من الأكاديمية أواخر عام 2014، وتعمل حالياً في أحد مكاتب الإسعاف في راولبندي.
درست نوشابة (35 عاماً) اختصاص التربية في جامعة "قائد أعظم". لكنّها كانت ترغب في عمل آخر في مجال الإغاثة. وكانت تأمل في أن تتوفر لها مثل هذه الفرصة التي أتيحت لها أخيراً. لا تريد نوشابه أن يقتصر الأمر عليها، فهي تحث المرأة الباكستانية على الانضمام إلى مؤسسة الإسعاف والعمل فيها، لا سيما في ظل توفر مجالات خاصة يفضل عمل النساء فيها على عمل الرجال. وبالتالي لا بدّ من تحمّل المرأة الباكستانية لمسؤولياتها تجاه شعبها، وخصوصاً النساء والأطفال من بينهم بحسب ما تقول.
وبالرغم من أن عدد النساء في الأعمال الإغاثية ومؤسسة الإسعاف ما زال ضئيلاً مقارنة بالرجال، غير أنّ رغبة المرأة في الانعتاق من الأعراف البالية، والاتجاه إلى هذا العمل يشير إلى أنّ الباكستانيات يتخطين شيئاً فشيئاً، جميع أنواع العقبات الاجتماعية والتقاليد التي تحول بينهن وبين العمل في العديد من المجالات التي يحتكرها الرجال، ومن أبرزها العمل في مجال الإغاثة والإسعاف.
محمد نديم أحد الموظفين في مؤسسة الإسعاف الوطنية (1122) يفضل توظيف النساء في بعض مجالات الإسعاف خصوصاً تلك التي تتعلق بالنساء والأطفال والمرضى. وذلك لأنّ المرأة تعمل بجدية وإخلاص تام، وتواظب على عملها، بحسب وصفه. ويقول إنّ النساء القلائل اللواتي يعملن في مراكز الإسعاف في إقليم البنجاب أثبتن أنهن قادرات على مزاولة العمل في جميع مجالات الحياة.
تسجل المرأة الباكستانية تقدماً كبيراً في جميع مجالات الحياة من السياسة والاقتصاد والتجارة في العقدين الأخيرين. ومع ذلك، ما زال دور المرأة مهمشاً في المجتمع الباكستاني إلى حد كبير، بسبب الأعراف والتقاليد الموروثة، وعدم اهتمام المجتمع المدني والحكومات المتعاقبة، بالإضافة إلى قلة الوعي لدى المرأة نفسها. لكنّ سعي بعض النساء يساهم في إزالة العقبات ويلعب دوراً أساسياً في تمكين المرأة، الذي يعتبر أساسياً بدوره في تطوير جميع قطاعات الحياة.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى