في مكالمة هاتفية تلقيتها من إحدى القريبات قبل فترة من الزمن، كانت خلالها تشكو بعض صديقاتها، وأنها بدأت تلاحظ أنهن يعاملنها معاملة فوقية أو كما تقول لا اهتمام فيها، وأنها تزورهم باستمرار حبّاً لهن، فكيف يقابلونها بمثل هذا السلوك، حتى في أقل الأمور مثل عدم الاهتمام بوجودها وعدم التفاعل مع ما تطرحه من مواضيع وقضايا، بل ذهبن لأبعد من هذا وهو عندما تصل ضيفة لا يقمن بتعريف الضيفة إليها، وكأنها ليست موجودة.
ولأني بطبيعة الحال أعرف خلفيات الموضوع، بل السبب في مثل هذه المعاملة التي تعرضت لها، نصحتها بالتوقف عن زيارتهن، وأبلغتها بأنهن قد يحتجن بعض الوقت لمعرفة قيمتها وقيمة وجودها بينهن وأثره «اسمحي لهن باكتشاف هذه الأهمية، وذلك بالتوقف عن زيارتهن، فإذا كن محبات لك وراغبات في صداقتك ووجودك فإنه من البديهي أنهن سيلاحظن مباشرة غيابك وسيسألن عنك ويتصلن للاطمئنان عليك، أما إذا قدر ووجدت منهن التجاهل أو كما يقال التطنيش وعدم السؤال، فهي رسالة افهمي معناها ومحتواها، وفكري فيها واتخذي القرار الذي يصون كرامتك ومكانتك».
وما نصل إليه أن ما يفسد الصداقة دوماً هو الاندفاع في التعبير عنها، والضغط على الطرف الآخر، الذي قد يفسرها بأمور غير صحيحة، أو يضطر لمحاولة الابتعاد وتظهر منه سلوكيات ضدنا لم نعهدها منه، وكما قال الشاعر العربي زين الدين ابن الوردي المعري الكندي في بيته الشهير «غب وزر غبا تزد حباً فمن .. أكثر الترداد أضناه الملل».