في إحدى قاعات المحكمة الشرعية بمدينة رام الله، وسط الضفة الغربية، تجدها تقلب الملفات وتسأل وتنصت وتناقش قبل إتمام الزواج أو الطلاق .. إنها تحرير حماد، أول "مأذونة" فلسطينية تقتحم مجالاً، ظل حكراً على الرجال.
حماد البالغة من العمر 33عاماً، والتي تسلمت مهتمها أواخر يوليوز الماضي، تقول إنها كسرت الصورة النمطية للمرأة الفلسطينية، وفتحت الباب أمام زميلاتها للبدء بتنظيم عقود الزواج فيما يعرف في التراث المحكي بـ "جمع رأسين بالحلال".
وتضيف تحرير، بينما انتهت من عقد قران زوج بمقر المحكمة، "كنت قد تقدمت بطلب لهذه الوظيفة ولم أخبر أحداً، لما كان لدي شكوك برفضه، فكانت المفاجأة بقبولي كأول مأذونة شرعية في فلسطين".
وترى حماد أن "المرأة الفلسطينية استطاعت أن تكسر كل الحواجز، ولديها المؤهلات العلمية والشخصية لكي تتبوأ مهن اقتصرت على الرجال".. وعن الصعوبات التي تواجهها خلال عملها تورد أن كل عمل فيه معوقات، مشيرة إلى أنها واجهت حالتي رفض من قبل زوجين، أحدهما لم يكن لديه أي مبرر سوى أنه يرفض أن تعقد زواجه سيّدة.
وتحرير، التي تحظى بدعم من عائلتها وزملائها وسط تبريكات تأتيها من كل حدب وصوب عبر وسائل الإعلام، تحمل شهادة من درجة الماجستير في العلوم الإسلامية المعاصرة من جامعة القدس "أبو ديس".
وما زالت هذه المأذونة تعمل من داخل المحكمة، فهي تحتاج إلى وقت لكي يتقبل المجتمع الفكرة، وتخرج لممارسة مهامها كما الرجال الذين يعقدون الزواج داخل البيوت.. كما تقول.
حضر العروسان أشرف عاقلة، ذو الـ24 عاماً، ورانيا سيف صاحبة الـ18 ربيعا، من بلدة عبوين قرب رام الله إلى المحكمة، ولم ينزعجا من أن "المأذون" إمرأة .. ويقول عاقلة: "لم أكن أعلم أن سيدة ستعقد لي قراني، أنا سعيد وأتفهم ذلك، هي إمرأة تحب عملها وتتقنه، ولديها المؤهلات لذلك، كما أن هذا لا يتنافى مع الدين".
ومبتسماً يتابع العريس: "المأذونة أضافت بهجة جديدة على زواجي".. ومثله فعلت عروسه رانيا التي عبرت عن فرحتها بعقد قرانها على يد إمراة، قائلة: "لا يوجد ما يمنع المرأة من القيام بأي عمل .. أنا فخورة بها".
وهكذا كان موقف بشير سيف، والد رانيا، الذي قال إنه لم يتردد بأن تكتب سيدة عقد قران كريمته، واصفاً المأذونة حماد بأنها "ذات شخصية قوية، تعلم أهمية عملها، وتتحدث بكلمات متزنة في موقعها".
جدير بالذكر أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس، خلال اجتماع المجلس المركزي لمنظمة التحرير في مارس الماضي، قد قال:"وقعنا على الحقوق السياسية للمرأة، وهذا أمر مهم لأننا نريد أن نسبق العالم في كل ما يقدمه للمرأة التي نحترمها ونعتبرها الجزء الفاعل بل الأكثر فعالية في مجتمعنا، والمطلوب منها أن تكون في كل مكان، وهي ليست عاجزة عن القيام بالمهمة كما يفعل الرجل، وبقي أن نعينها مأذونة، ورئيسة دولة".