الارشيف / عالم المرأة / أخبار المرأة

حق المرأة وطقوس الجاهات

  • 1/2
  • 2/2

وليد السبول - الأردن - " وكالة أخبار المرأة "

تتميز الشعوب عادة بأشكال وصور لممارسات اجتماعية كجزء من عاداتها وتقاليدها، لا تتشارك عادة فيها مع أي شعب آخر وإن كانت تتشابه أحيانا في بعض التفاصيل. إلا أن الشعوب عادة تصل إلى مجموعة هذه العادات والتقاليد بشكل فردي يتميز عما وصلت إليه بقية الشعوب، أي لا تتطابق عاداتها مع عادات غيرها بالكامل، فلا بد من إختلاف في جزئية هنا أو هناك تجعل للعادة والتقليد خصوصية لدى تلك الشعوب.
هناك عادات للوفاة وعادات للثأر وأخرى للزواج وللميلاد وللختان كما للنجاح وأخرى حين ظهور الأسنان لدى الأطفال أو التخرج من المدارس والجامعات، وفي المجتمعات القروية للمطر والزرع في كل حالاته، وفي حالات ومناسبات عديدة أخرى.
في بعض الأحيان تختلف العادات والتقاليد لدى الشعب الواحد تبعا لاختلاف أحد المكونات كالدين أو القرية. وكمثال صغير لذلك لدى المسيحيين في بلادنا اشتراك النساء والرجال في تقبل مراسم الدفن والعزاء في نفس المكان بعكس المسلمين الذين يقومون بالفصل الكامل بين الجنسين في هذه الطقوس. ويتميز الفصل بين الجنسين في أعلى صوره فيما يعرف بجاهات الخطبة عند الزواج، فيتوجه موكب الرجال وهم في أحلى زينتهم إلى مكان تجمع أهل العروس، فيصطف المستقبلون على المدخل بالعشرات للسلام على القادمين. وما أن يجلس الضيوف الذين عادة ما يفرغ لهم جانبا من المكان، ويجلس المستقبلون على الجانب المقابل، وتبدأ المراسم بوضع فنجان القهوة المرّة (غير المحلاة) أمام من يشير إليه أهل الخاطب للتكلم باسمهم طالبا يد العروس. ثم يبدأ هذا المتكلم الذي يتميز عادة بالتفوه وحفظ العبارات المناسبة لهذه المناسبة بالنظر إلى فنجان القهوة دون أن يلمسه، فيعدد مناقب الخاطب وأهله، ويشيد بنسبه وعلمه وأخلاقه وتدينه، ثم يثني على العروس وأهلها ويشير إلى النديّة في النسب، وبعد أن يطلب يد العروس يجلس انتظارا لرد ممثل أهل العروس الذي يردد مناقب عروستهم ويؤكد على مناقب العريس وأهله وعشيرته، ثم يعطي الموافقة قائلا إشربوا قهوتكم على ما أتيتم به.
كل ذلك يتم في معزل كامل عن مكان تواجد النساء اللواتي يكن إما في مكان آخر مختلف تماما ويتم التواصل معهن هاتفيا، أو يتواصلن مع الرجال من وراء حجب وستائر غليظة. وما أن يتم إعلان الموافقة حتى تنطلق النساء بالزغاريت ويبدأ توزيع الحلوى على الجميع كل في مكانه.
وما أطالب به في هذه المقالة مشاركة النساء في هذه المراسم ابتداء من أولى مراحل انطلاق موكب السيارات، حتى إعطاء الموافقة. إنه لا يعقل في هذا الزمن الذي أصبح الرجال والنساء يتشاركون في كل شيء، ابتداء من المدارس والجامعات وحتى العمل ووسائل الإنتقال، وفي المطاعم والحفلات وفي كل الأماكن تقريبا، أن تبقى المرأة خلف الجدران تختلس الأخبار، وتعطى الفتاة وكأنها ملكا ولو بالتظاهر، مع أنها قد تفوق الرجل شأنا وعلما ومكانة وعملا. إنه لا شيء في هذا الزمان، يعطي الرجل الحق بالتفرد والفوقية والسيادة على المرأة، وبالتالي الإنفراد في هذه المراسم وتبقى المرأة تنتظر خبر "إعطائها" للرجل.
إنني أدعو الفتيات والشباب إلى تغيير هذه العادة جملة وتفصيلا، فتجلس العروس جوار أهلها كما يجلس العريس جوار أهله متقابلان. وعند الموافقة يبارك للعروسين معا، خاصة وأنه عند إقامة حفل الزفاف يتواجد الجميع في قاعة واحدة في كثير من الأحيان. إن هذه الدعوة وإن كانت في ظاهرها ثورة على العادات والتقاليد، إلا أنها حقيقة ليست أكثر من تصويب شكلي لواقع معاشي وحياتي حيث يختلط الجنسان في كل الأماكن باستثناء مكان ومراسم الخطبة هذه.
إن هذا التعديل الذي إن بدأ الشباب والشابات بفرضه، يمثل إحقاقا لحق المرأة في المساواة، واعترافا بما وصلت إليه من علم وشأن، كما يمثل اعترافا من الخاطب بمكانة وشأن وعلم خطيبته، كما يمثّل ثقته بها وبنفسه دون أية ممارسات عنصرية وتمييزيه وازدواجية تنم عن ارتباك وعدم الانسجام مع الواقع المعاش.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى