لم يكن "الإقصاء" الذي تعرضت له نساء محتجبات، متمثلا في عدم إدراج أسمائهن في لائحة المستفيدين من التعيينات الجديدة بالقنصليات، إلا الجزء الظاهر من جبل جليد التضييقات التي تتعرض لها نساء مغربيات اخترن الحجاب لباسا، في ظل غياب قانون يمنع تشغيل محتجبات في السلك الدبلوماسي، وغيره من القطاعات.
ويرى مراقبون أن أبرز تنحٍّ "ممنهج" للكفاءات المغربية المحتجبة، يكمن في تواري إعلاميات معروفات إلى الكواليس مباشرة بعد قرار ارتداء الحجاب، وهو الحال بالنسبة للإعلامية سمية المغراوي، مقدمة البرنامج الشهير آنذاك "وقائع، والبرنامج المباشر "لقاء"، إلى جانب حنان أرسلان، ونادية اليوبي، وقمر أيت بنمالك.
وبات من المتداول في المشهد الإعلامي البصري بالمغرب، أنه لا مكان للمحتجبات في التلفزيون المغربي خاصة، وأنه لم يسبق أن ظهرت مذيعة مغربية ترتدي الحجاب، على شاشة التلفزيون باستثناء برنامج ديني يتيم على القناة الأولى، تقدمه الإعلامية إكرام بناني الرطل.
بعض المدارس أيضا لا تتيح لطالباتها ارتداء الحجاب، وتمنع كل محتجبة من الولوج إلي التكوين والدراسة، وعلى رأسها المدرسة المحمدية للمهندسين ذات النظام شبه العسكري، حيث تعمد طالبات إلى نزع حجابهن للالتحاق بهذه المؤسسة، الأمر الذي أثار رفض عدد من المغاربة .
أشمال: التضييق قديم
رقية أشمال، رئيسة منظمة فتيات الانبعاث، وعضو المكتب التنفيذي للشبيبة الاستقلالية، قالت في تصريح لجريدة هسبريس، إن تاريخ التضييق على المحتجبات قديم، مؤكدة أنها تعرضت للتضييق بسبب الحجاب، ومنعت من إلقاء كلمة افتتاحية إبان المؤتمر الدولي للشباب سنة 2003 بالرغم من كونها رئيسته، وفق تعبيرها.
وأكدت أشمال أن هذه التصرفات تتجاوز التضييق إلى العنصرية تجاه النساء المحتجبات، الأمر الذي يظهر جليا في عدد من القطاعات التي تمنع على النساء ارتداء الحجاب وتبعث بهن إلى ما وراء الكواليس بعدها، معتبرة أن هذا التصرف ينم عن ضرب خطير لتكافؤ الفرص والكفاءة، ويقسم المجتمع المغربي إلى قسمين".
ودعت أشمال المجتمع المغربي بجميع تلاوينه، إلى فضح هذا النوع من التصرفات، والتعبئة الجماعية، والتعامل بجدية إزاء هذه العنصرية، وتغليب الكفاءة على ما سواها، موضحة أن ارتداء النساء للحجاب يأتي امتثالا لتعاليم الدين الإسلامي، وتطبيقا لمقتضيات دستور 2011 الذي ينص على أن المغرب دولة إسلامية.
المرابطي: الكفاءة لا غير
ومن جهتها، قالت بشرى المرابطي، عضو منتدى الزهراء للمرأة المغربية، إن التحول الذي عرفه المغرب بعد دستور 2011 الذي أقر بإعمال مبادئ المساواة وتكافؤ الفرص بين جميع المواطنين، لا زال متأخرا في التأويل الديمقراطي لمقتضيات الدستور.
وقالت المرابطي، في تصريح لجريدة هسبريس، إن من الحقوق الدستورية التي أقرها المغرب لفائدة النساء اختيار لباس يرتحن فيه"، مبرزة أن "هذه الخطوة تفرغ من محتواها على مستوى التطبيق" وفق تعبيرها.
ولفتت المتحدثة إلى أن معهد الإعلام والاتصال الذي يخرج سنويا عددا من الطالبات اللواتي يرتدين الحجاب، لا يمكن أية واحدة منهن من الظهور على شاشة القنوات التلفزية المغربية، في حين أن قنوات عربية رائدة لم تقص الإعلاميات المحتجبات، وأعطتهن فرصتهن".
وتابعت الناشطة بأن للنساء الحق في الاشتغال والدراسة بدون الوقوف عند جزئية ارتداء الحجاب من عدمه، اعتمادا على مبدأ الكفاءة لا غير، قبل أن تتساءل "هل حديث أصوات حقوقية عن الحق في اللباس ينحصر على اللباس الكاشف فقط، دون الساتر أو الحجاب، أم أن المفهوم ينطبق على الحق الكوني في اللباس الذي تختاره المرأة بكامل إرادتها".
وشددت عضو منتدى الزهراء للمرأة المغربية على أنه "عند مطالبة الحقوقيين بالحق في حرية اللباس، يجب الدفاع عن جميع أنواع اللباس، حتى لا نكون كحقوقيين ندافع عن فئة دون أخرى، والحذر من مغبة السقوط في التمييز"، على حد تعبير المرابطي.